شروط لإحياء العلاقات.. لماذا يثير أردوغان قلق أوروبا؟

وضع الإتحاد الأوروبي شروطا لأردوغان من أجل عودة العلاقات

شروط لإحياء العلاقات.. لماذا يثير أردوغان قلق أوروبا؟
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

بعد عام أو أكثر من التوترات الشديدة، دعا قادة الاتحاد الأوروبي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إزالة العقبات المتبقية أمام إحياء العلاقات بين أنقرة والتكتل الأوروبي، الذي أعلن رفضه الواضح مرارًا وتكرارًا لممارسات النظام التركي سواء في ملف حقوق الإنسان داخليًا، أو خارجيًا في ليبيا وشرق المتوسط وقبرص وعدد من الملفات الهامة على الساحة الدولية. 


حقوق الإنسان قلق داخل تركيا


وفي خلاصات قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة قبل العطلة الصيفية، قال قادة التكتل: إن "سيادة القانون والحقوق الأساسية في تركيا تظل مصدر قلق كبير".
وتواصل تركيا اعتقال المعارضين وملاحقتهم بصورة أكثر تعسفًا، ووصل الأمر إلى ملاحقة أحزاب بأكملها، حيث تسعى أنقرة لإغلاق أحزاب معارضة ذات ثقل جماهيري مثل حزب الشعوب الديمقراطي وحزب الشعوب الجمهوري، اللذين يضمان غالبية من العرقية الكردية. 

الأزمة القبرصية


وشدد قادة اليورو على تمسكهم بـ"تسوية شاملة للأزمة القبرصية على أساس اتحاد فيدرالي بين مجتمعَين، مع حقوق سياسية متساوية وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي"، وذلك فيما يتعلق بالدولة القبرصية التي قسمها الاحتلال التركي إلى شطرين متنازعين.


وانقسمت قبرص منذ عام 1974، عندما غزت قوات الجيش التركي ثلثها الشماليّ، ردًا على محاولة انقلابية لإلحاق الجزيرة باليونان. فأصبح القبارصة أمام "جمهورية شمال قبرص التركية" التي لا تعترف بها سوى أنقرة، ويريد هذا الشطر حلاً على أساس دولتين مستقلتين ومتساويتين.

تهدئة مقابل تدابير إيجابية


ويبقى الطرح الأوروبي في فتح صفحة جديدة مع تركيا مرهونًا باتخاذ تدابير إيجابية من جانب النظام التركي، يتم على أساسها تصحيح مساره السابق، بما يتناسب مع القيم الأوروبية في ملف حقوق الإنسان، ويتناسب مع القانون الدولي فيما يتعلق بالمسألة القبرصية وشرق المتوسط وضرورة خروج المرتزقة من ليبيا.


وقال دبلوماسي أوروبي: إن "الاتحاد الأوروبي سجّل رغبة في التهدئة من جانب تركيا، غير أن الشروط لتبني تدابير إيجابية غير متوافرة".


خطوات استباقية لحسن النوايا


وأراد الاتحاد الأوروبي إثبات حسن النوايا وطمأنة الأتراك إلى مصالح يرجونها، فعلى الرغم من اشتراطات الحوار التي وضعها الاتحاد الأوروبي أمام أنقرة، إلا أن القادة الأوروبيين بادروا بدعوة المفوضية الأوروبية إلى التحضير لتحديث الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.


ملف الهجرة غير الشرعية


كما دعوا رئيسة المفوضية الأوروبية إلى "تقديم مقترحات رسمية، بلا تأخير، بشأن مواصلة تمويل اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة في تركيا والأردن ولبنان ودول أخرى في المنطقة"، إذ ما زالت الهجرة غير الشرعية ورقة تؤرق الأوروبيين. 


واقترحت المفوضية الأوروبية تخصيص 5,7 مليار يورو لتمويل مساعدات للاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن حتى عام 2024.


ويبقى ملف اللاجئين هو أبرز نقاط الالتقاء في المصالح التركية مع أوروبا، إذ يسعى قادة الاتحاد لوقف نزيف الهجرة غير الشرعية عبر أراضي تركيا إلى دول التكتل، ما يدفع الاتحاد إلى تأمين أموال لأنقرة تحت حساب هذا الملف. 


كما شدد الاتحاد الأوروبي على تركيا بضرورة إخراج المرتزقة الذين جلبتهم أنقرة إلى داخل ليبيا، إذ يتحول هؤلاء المرتزقة المسلحون إلى تهديد جديد للحدود الأوروبية القريبة من ليبيا، إضافة إلى تحويل ليبيا إلى بؤرة للتوتر الأمني ومفرزة للإرهاب وورقة ضاغطة جديدة في وجه أوروبا والمنطقة.


محاولة تركية لتصفير مشكلات صنعها نظام أردوغان
ويقول الكاتب والمحلل السياسي فهد الديباجي: إنه من المعروف أن تركيا عضو في حلف الناتو، إلا أن العلاقة  تتأرجح بين التصعيد والحوار، لاسيما بعد عقوبات الاتحاد الأوروبي على خلفية أزمة قبرص والتوتر في شرق البحر المتوسط، وبالتالي من الطبيعي جدا فتح حوار خصوصًا بعد تراجعات في الكثير من الملفات ومحاولة تصفير مشاكلها التي صنعتها بيدها، ولأن  المحافظة على قنوات التواصل والحوار المباشرة مع الدول الأوروبية، مما يصب إيجاباً في حل القضايا المهمة ذات المصالح المشتركة.


رضوخ أردوغان


وتابع الديباجي: إن هذا هو مما يجلعنا نؤكد أن أردوغان سيرضخ كثيرًا هذه المرة للأوروبيين وسيلتزم بمطالبهم على الأقل في الفترة الحالية في ظل سوء العلاقة مع الحكومة والإدارة الأميركية الجديدة.

وأضاف المحلل السياسي، الديباجي، أنه فيما يتعلق بمستقبل العلاقات بين الطرفين فهي دائما تحكمها المصالح والمواقف والأزمات، لكن علاقة تركيا وتقارب نظام أردوغان مع روسيا دائما هو المقياس الرئيس لمدى معرفة العلاقات التركية والأوروبية، ولن تعود أو تكون متينة إلا بصفقة وعلى أن تتخذ موقفا عدائيا من روسيا كدرع لحماية أوروبا كما كانت درعا لها من الاتحاد السوفيتي وهو الغرض الذي ضمت لأجله لحلف الناتو، ومن هنا نقول إن  تركيا في موقف صعب لا تحسد عليه!