علاقة مشبوهة التحالفات الرمادية في فرنسا.. كيف ينسج الإخوان خيوطهم داخل اليسار المتطرف؟
علاقة مشبوهة التحالفات الرمادية في فرنسا.. كيف ينسج الإخوان خيوطهم داخل اليسار المتطرف؟

في وقت تتجه فيه فرنسا إلى لحظة سياسية حرجة، تعود إلى الواجهة واحدة من أكثر الملفات إثارة للجدل: العلاقة غير المعلنة بين شبكات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان الارهابية، وبين اليسار الراديكالي، ممثلًا في حزب "فرنسا المتمردة".
هذا التقارب، الذي يُوصف بأنه "براغماتي" من الخارج، يُثير قلقًا متزايدًا داخل الأوساط السياسية الفرنسية، وسط تساؤلات ملحّة: هل باتت الجماعة الإرهابية تتغلغل في الفضاء الديمقراطي الفرنسي عبر بوابة الحريات والحقوق؟
لجنة برلمانية تفتح النار
خلال هذه الفترة، أُعلنت تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بدفع من كتلة حزب "الجمهوريين"، بهدف فحص ما وصفته الوثائق الرسمية بـ"الروابط بين ممثلين سياسيين وشبكات تدعم أيديولوجيات متطرفة أو تبرر العنف الديني".
ورغم اللغة الحذرة في نص تشكيل اللجنة، فإن التغطيات الإعلامية وتصريحات السياسيين تُشير بوضوح إلى أن حزب "فرنسا المتمردة" يقع في قلب الاتهام، ما فجّر خلافات سياسية مبكرة، أبرزها استقالة النائبة صوفي بانتيل احتجاجًا على "غياب التمثيل المتوازن داخل اللجنة".
تحالف أم تقاطع مصالح؟
ويري الباحثون، أن العلاقة بين الإسلام السياسي واليسار الراديكالي في فرنسا ليست حديثة، بل تراكمت تدريجيًا في الضواحي التي تعاني من التهميش الاجتماعي والاقتصادي.
وأشاروا ان "فرنسا المتمردة" تبنّت خطابًا يركز على مناهضة ما يُسمى بالإسلاموفوبيا، ما منحها تقاطعًا تلقائيًا مع جماعة الإخوان في ملفات مثل الحجاب والتعليم الديني والقوانين المرتبطة بـ"الانعزالية الإسلامية".
و رغم صبغته الحقوقية، يُستثمر عمليًا من قبل الجماعة لبناء نفوذ سياسي غير مباشر داخل الديمقراطية الفرنسية، مشيرًا أن ضعف الرقابة على تمويل الجمعيات الدينية ساهم في ترسيخ هذا التمدد.
وعلى الجانب الآخر، رفض نواب "فرنسا المتمردة" ما وصفوه بـ"الحملة السياسية الموجهة".
وقال النائب إيميريك كارون: إن اللجنة "تحولت إلى أداة لتشويه خصوم اليمين"، بينما أشار زميله هادريان كليوي، أن "اليمين ذاته لديه ارتباطات قديمة مع تيارات يمينية متطرفة، لكن لا أحد يحقق فيها".
الجماعة الارهابية تبحث عن "ظهر سياسي"
قال سامح عيد، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية: إن "الإخوان دائمًا ما يلجؤون إلى بناء تحالفات ناعمة مع القوى التي ترفع شعارات الحريات، خاصة في الدول الغربية، حيث لا يمكنهم العمل بشكل مباشر تحت يافطة دينية".
وأضاف -في تصريح خاص للعرب مباشر -:"اليسار الراديكالي في فرنسا يُقدّم للجماعة فرصة نادرة للتموضع، مستفيدين من قضايا الهجرة والتمييز والحجاب، وهي ملفات ذات طابع عاطفي في الخطاب السياسي الغربي".
وأشار عيد أن "الجماعة لا تراهن على حزب بعينه، بل تتغلغل حيث تتاح لها المساحة، وغالبًا ما تستخدم خطاب الحقوق المدنية لفرض واقع موازٍ، وهو ما يمثل تهديدًا صامتًا للديمقراطية".