من الجمعيات إلى الشركات.. كيف تتحرك الدول لوقف تمويل الإخوان؟
من الجمعيات إلى الشركات.. كيف تتحرك الدول لوقف تمويل الإخوان؟

في ظل التحديات المتزايدة التي يفرضها تمدد جماعة الإخوان الارهابية عبر شبكات تمويل عابرة للحدود، تتجه دول ومراكز بحثية غربية وعربية نحو وضع خطة استراتيجية متكاملة تستهدف تفكيك البنية المالية والفكرية للتنظيم.
ولم يعد التعاطي مع هذه الظاهرة مقتصرًا على الإجراءات الأمنية، بل باتت الحاجة ملحّة لتنسيق دولي يضع حداً لاختراق الجماعة للمجتمعات والمؤسسات باسم الدين.
هوية الدولة الوطنية واستقرار مؤسساتها
تمثل تهديدًا مباشرًا لهوية الدولة الوطنية واستقرار مؤسساتها، داعيًا إلى استراتيجية صارمة لتجفيف منابعها المالية.
و تبين أن الإخوان يتبنون ولاءً فوق وطني يتجاوز الدولة، ويستندون إلى مبررات أيديولوجية تبرر استخدام العنف، ما يجعلهم مختلفين جذريًا عن التيارات السياسية الطبيعية.
ملامح خطة مقترحة
وتتضمن الخطة إعادة تعريف صورة الجماعة في الخطاب العام، وتكثيف الرقابة على مصادر التمويل غير الرسمية، بالإضافة إلى ضبط عمل الجمعيات الدينية والمراكز الثقافية، ومتابعة الأنشطة الاقتصادية الغامضة، خاصة المرتبطة بصناعة المنتجات الحلال.
والخطة لا تهدف إلى التضييق على الحريات الدينية، بل تهدف إلى حماية الدولة من التسلل الأيديولوجي، واستعادة الانسجام داخل المجتمعات. كما شدد على أهمية إعداد أئمة ودعاة يحملون خطابًا متوازنًا ومنفتحًا، يكرّس قيم التسامح والانتماء والمواطنة.
ووفقا لتقارير دولية الإمارات قدّمت نموذجًا متقدمًا في هذا المجال، حين صنّفت الجماعة تنظيمًا إرهابيًا منذ عام 2014، في خطوة استباقية حمت أمنها الفكري والاجتماعي.
حيث أن المعركة ضد تمويل الإخوان ليست تقنية فقط، بل ثقافية وقانونية أيضًا، وتتطلب عملاً مشتركًا يتجاوز الحدود والآيديولوجيات، من أجل حماية مستقبل المجتمعات واستقرار الدول.
ضخ شريان الفوضى وتحريك ممنهج
قال الناشط السياسي هاني بن إسحاق: إن تمويل جماعة الإخوان الارهابية لا يمكن النظر إليه بوصفه دعمًا لتيار سياسي طبيعي يمارس العمل الديمقراطي، بل هو في حقيقته ضخ مباشر في شريان الفوضى، وتحريك ممنهج لمخططات تهدف إلى تقويض استقرار الدول من الداخل.
وأضاف - في تصريحات له-: إن الجماعة لا توظف المال في التنمية أو العمل المؤسسي، بل في تفكيك المؤسسات الوطنية، وإنهاك الدولة من خلال أذرع موازية تتغلغل في القطاعات الحساسة: التعليم، والإعلام، والجمعيات الخيرية.
هذه المنظومة الموازية تُستخدم لتغذية خطاب الانقسام، وبناء ولاءات بديلة تتجاوز سلطة الدولة.
تمويل الجماعة يزيد من خطورة الأمر
في السياق ذاته، أوضح طارق البشبيشي الباحث السياسي في الاسلام السياسي والمنشق عن الجماعة، أن مايزيد خطورة الأمر أن تمويل الإخوان عابر للحدود، يستفيد من شبكات دعم منتشرة في أوروبا وتركيا وبعض العواصم الخليجية، وتعمل في الخفاء تحت واجهات خيرية أو تعليمية.
وتابع: أن هذه الشبكات توظف المال في تجنيد عناصر جديدة، ودعم المنصات الإعلامية المتطرفة، وتمويل الحملات الدعائية التي تُحرّض ضد مؤسسات الحكم، خاصة في الدول التي تقف في وجه مشروع الجماعة.
وأشار، أن العلاقة الإخوانية – خاصة في فرنسا وبعض الدول الأوروبية مستمرة، وتُبنى على استغلال الفراغ القانوني وتحت مظلة حقوق الإنسان، لكنها تحمل مشروعًا لا ديمقراطيًا في جوهره، يسعى إلى خلق واقع موازٍ للدولة عبر "أسلمة المجتمع" تدريجيًا.
وختم تصريحاته، فإن أي مواجهة حقيقية مع هذا التنظيم يجب أن تبدأ بـتجفيف مصادر تمويله، وفرض رقابة صارمة على واجهاته المالية والدعوية، وإعادة تعريف العلاقة بين العمل الديني والعمل السياسي في الإطار العام للمواطنة وسيادة القانون.