بعد فتك "كورونا" بهم.. عمال قطر يتظاهرون للإغاثة والحصول على الأجور

بعد فتك
صورة أرشيفية

أزمات عديدة تفتك بالعمال الأجانب في قطر، ففي ظل مواجهتهم الواهنة لفيروس "كورونا" المستجد "كوفيد 19"، يعانون من تدهور ظروفهم المادية، ما يصل لعدم حصولهم على الأجور، ليتدفقوا في الشوارع طلبا للإغاثة والمساعدة.

مظاهرات العمال


في آخر أيام شهر رمضان، تظاهر المئات من العمال الأجانب في الدوحة، اعتراضا على عدم دفع أجورهم، حيث تجاهلتهم الحكومة مع تفشي كورونا وتراجع أسعار النفط، حيث أغلقوا طريقا رئيسية في حي مشيرب في الدوحة على مرأى من عناصر الشرطة.


ورغم مساعدتهم إلا أن وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، قامت بإلقاء القبض عليهم، وفتحت تحقيقا فوريا في الواقعة، لتضرب قائمة بأسوأ مثال في معاملة العمال الوافدين على أراضيها.

أخطر بقعة


ويأتي ذلك بعد تقرير لقناة CBS News الأميركية، يوثق تلك الجرائم التي يتعرض لها العمال، مؤكدا أن قطر باتت أخطر بقعة ينتشر فيها كورونا، في مخيمات العمال، وكشفت أن السلطات المعنية تخفي الكثير من التفاصيل ولا تفصح عن مواقع الإصابات.


وأكدت القناة الأميركية أن مخيمات العمالة الضخمة تعاني من سوء الخدمات وتردي الأوضاع الإنسانية، لذلك انتشر الفيروس، ما يعني أن الدوحة باتت أرضا خصبة لانتشار الفيروس، كما لفت إلى أن أقل من 10% من سكان قطر البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة هم قطريون، في حين يعمل حوالي 600 ألف عامل معظمهم من الشباب وغير القطريين في مشاريع البناء.
 
 
أرض خصبة للفيروس


المخيمات المخصصة للعمال على أطراف العاصمة القطرية، التي كانت محض انتقادات دائمة من قبل جماعات حقوق الإنسان بسبب التكدس الكبير وظروف المعيشة السيئة، في ظلها أكدت أن قطر أرض خصبة لانتقال  كورونا، حيث إن الزيادة كانت بطيئة نسبيا في الأسابيع القليلة الأولى، ولكنها بدأت ترتفع بشكل كبير من أسبوع إلى آخر.


وارتفعت الإصابات في الأسابيع الأولى بقطر إلى ما يقرب من 29000 في أقل من شهرين، ثم انتشرت بين جميع سكان قطر، دون أي تفاصيل دقيقة عن مواقع تلك الإصابات، لذلك ارتفعت الترجيحات أن الفيروس يتمركز داخل معسكرات العمل.


وكشف مسؤول في مكتب الاتصال الحكومي القطري لشبكة "سي بي إس" نيوز أن الدوحة نفذت تدابير احتواء ووقاية واسعة النطاق وقلصت جميع الأنشطة الاجتماعية والحدائق المغلقة والمرافق الترفيهية والمساجد المغلقة وأماكن العبادة الدينية الأخرى والمحلات المغلقة والمطاعم" لكن مع ذلك ما زالت الإصابات ترتفع بشكل يومي.


كما أشار إلى الآثار الاقتصادية للجائحة، رغم إصرار المسؤولين على قدرة قطر على التغلب على التأثير الاقتصادي، إلا أنه في الحقيقة فإن القطاعات الرئيسية ستتعرض لا محالة لضربة اقتصادية.
   
العمال المتضررون الأكبر 


ووفقاً لأحدث إحصائية نشرها مركز الأمراض الانتقالية التابع لمؤسسة حمد الطبية بقطر، فإن نسب الإصابة بفيروس كورونا في الدوحة، وفقاً للجنسية، كالتالي "الهند: 32%، نيبال: %20، بنجلاديش: 18%، باكستان: 6%، الفلبين: 4%، قطر: 6%"، وهو ما يظهر أن العمال الأجانب من آسيا، هم الضحايا الأكبر للفيروس، حيث قدمهم تنظيم الحمدين كقرابين لكورونا، بعدما فشلت وسائلهم في منع تفشيه.


كما أظهرت الإحصاءات، أن الإصابات وفقاً للجنس، سجلت بين ذكور 91%، وللإناث 9% من إجمالي الإصابات، وفيما يخص المكان، فإنه يوجد بالحجر الصحي 54% من المصابين، و8% في مرافق مؤسسة حمد، بينما ما زال ينتشر في المجتمع 33% من إجمالي نسبة المصابين.
 
حرق جثث الموتى


سجل الفيروس تلك النسب الكبيرة بين العمال الأجانب في قطر، لعدة أسباب، منها عزلهم في المنطقة الصناعية بالدوحة دون أي مراعاة للإجراءات الاحترازية والتعليمات الطبية لمنع انتشار المرض بينهم، فضلاً عن تدهور المعيشة في تلك المناطق، ورغم ذلك واصلت السلطات القطرية العمل في مشاريع بناء ملاعب كأس العالم والمشاريع الضخمة الخاصة بالمونديال، حيث يبلغ عدد الإصابات المؤكدة بين العمال النسبة الأكبر والمئات من الإصابات بقطر، التي لم تعلن حتى الآن عن الأعداد الحقيقية بينهم.


وبعد أن أغلقت عليهم معسكرات للموت ومع غياب الرعاية الصحية الكاملة عنهم، باتت السلطات القطرية تحرق جثث ضحايا العمال الأجانب في الخفاء بعيداً عن الأنظار العالمية، وهو ما اكتشفه القطريون بأنفسهم، الذين يشتكون من رائحة الحرائق المتكررة بشكل مثير للجدل.
 
انتفاضة دولية


ومنذ انتشار أزمة كورونا في قطر وبعد انتهاكاتها بحق العمال، شهد ذلك رفضاً عالمياً ضخماً، حيث طالب ائتلاف يضم 16 منظمة غير حكومية، بالإضافة لكل من "العفو الدولية" و"هيومان رايتس ووتش"، و"ميغرنتس رايتس" وهيئات حقوقية دولية أخرى، السلطات القطرية بضرورة حماية حقوق العمال الأجانب بالبلاد وحمايتهم من التمييز، في ظل انتشار فيروس كورونا.


ووجهوا رسالة إلى رئيس الوزراء القطري ووزير الداخلية، خالد بن خليفة بن عبدالعزيز آل ثاني، تتضمن مطالبة الحكومة بالدوحة بأهمية اتخاذ إجراءات لأجل مراعاة حقوق العمال الأجانب، وحذرت من مغبة التمييز ضدهم.


كما طالبوا قطر بأهمية استفادة كافة العمال الأجانب، بمن فيهم المخالفون، من الكشف عن فيروس كورونا والعلاج الطبي، في حال الإصابة، مشيرة إلى الذين لا يستطيعون العمل في الدوحة، بسبب الإصابة أو من جراء إجراءات الحجر الصحي، فينبغي أن يستمروا في الحصول على أجورهم.


وأوضحت أنه بينما يكافح العالم لاحتواء انتشار فيروس كورونا، فإن العمال المهاجرين المحاصرين في مخيمات مثل تلك الموجودة في قطر معرضون بشكل أكبر لتفشي الوباء بينهم، كونها مزدحمة للغاية وتفتقر إلى المياه الكافية والصرف الصحي وهو ما يعني أن العمال سيكونون حتماً أقل قدرة على حماية أنفسهم من الفيروس.