تركيا.. كيف تسبَّب أردوغان في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ الأتراك؟

تسبَّب أردوغان في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ الأتراك

تركيا.. كيف تسبَّب أردوغان في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ الأتراك؟
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

يعيش الاقتصاد التركي فترة من أسوأ فترات في تاريخه، حيث يواجه الأتراك وتيرة مذهلة لارتفاع الأسعار في واحدة من مناطق التضخم الساخنة في العالم، فوحدها تركيا التي تشهد تغير أسعار السلع الاستهلاكية المعمرة يومًا بعد يوم، لأنها تعتمد على سعر الصرف، على سبيل المثال، التغيير في أسعار المنتجات البترولية له تأثير يومي على مؤشر أسعار المستهلكين لأنه يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر.

عالقون مع أردوغان

صحيفة "التليجراف" البريطانية، أكدت أن الأتراك عالقون في عالم رجب طيب أردوغان المتقلب رأسًا على عقب حيث فقدت الإحصاءات الرسمية مصداقيتها، والدين يقود سياسة البنك المركزي، ويتحمل الجميع في الحكومة مسؤولية أعلى معدل تضخم منذ عقود، ويشير مقياس التضخم الرسمي إلى ارتفاع الأسعار إلى أعلى مستوى في 24 عامًا عند 78.6% وتضاعف تكاليف المواد الغذائية تقريبًا خلال الـ 12 شهرًا الماضية، لكن مجموعة ENAG الاقتصاديين المستقلين تعتقد أن الوضع في تركيا أسوأ، مؤكدة أن معدل التضخم في تركيا بلغ 175% في يونيو، وهو أعلى بكثير من الرقم الرسمي الذي فقد مصداقيته الآن من قبل المستثمرين الأجانب، حتى الشركات العملاقة متعددة الجنسيات تكافح لمواكبة وتيرة تغيرات الأسعار، حيث ورد أن شركة آبل قد زادت أسعار هواتفها الذكية في تركيا مرتين في غضون ثلاثة أشهر فقط، وألقى أردوغان باللوم على كل شيء من النفوذ الأجنبي إلى محلات السوبر ماركت ومنتجي البيض، الذين اتهموا بالتواطؤ في رفع الأسعار، لكن خبراء الاقتصاد واضحون في أن اللوم يقع على عاتق الرئيس التركي، الذي تسبب في كارثة اقتصادية.

عكس التيار

وتعليقًا على الأزمة، قال جيسون توفي، اقتصادي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس: إن التضخم المذهل في تركيا هو "انعكاس للسياسات الضارة التي نفذها الرئيس أردوغان" و"رغبته في أسعار فائدة منخفضة"، مضيفًا "سيظل التضخم عند معدلات عالية جدًا لفترة طويلة قادمة، تركيا في منتصف عاصفة كاملة من التضخم المرتفع ويقوم صناع السياسة بعكس ما ينبغي عليهم فعله حقًا لمحاولة التصدي لها."

وأضافت التليجراف، أنه في ظل تعزيز الأسعار في البلاد من خلال ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء العالمية، تعاني تركيا أيضًا من انهيار آخر في الليرة وسياسة أردوغان النقدية الغريبة، كما أنه في الوقت الذي تعمل فيه البنوك المركزية في العالم على زيادة أسعار الفائدة لترويض التضخم، يسير أردوغان عكس التيار من خلال إشعال نيران الأسعار في تحدٍّ للاقتصاد التقليدي، وأجبر البنك المركزي التركي على خفض أسعار الفائدة، مما زاد من الضغوط التضخمية وقد وصف أردوغان أسعار الفائدة بأنها "أم كل شر".

انهيار الليرة

ووفقًا للصحيفة، فإنه في ظل الارتفاع القياسي لمعدلات التضخم، أدى انهيار الثقة في الحكومة التركية إلى تفاقُم التضخم، كما عانت العملة من سلسلة من الأزمات في السنوات الأخيرة بعد خشية المستثمرين والسكان المحليين من سياسات أردوغان الاقتصادية غير المنتظمة، وفقدت الليرة المتقلبة أكثر من خُمس قيمتها مقابل الدولار حتى الآن هذا العام ونحو 80٪ على مدى السنوات الخمس الماضية، مما رفع تكاليف الاستيراد وأدى إلى زيادة الأسعار، في غضون ذلك، خرجت توقعات التضخم عن السيطرة وهجر المستثمرون الأجانب البلاد، ويقول تيم آش، محلل للأسواق الناشئة في "بلوباي مانجمنت": إن المستثمرين المؤسسيين الأجانب استسلموا للتو على الرغم من أن تركيا كان لديها بعض الإيجابيات الخفية، مثل التركيبة السكانية والعجز المنخفض والبنوك الخاصة القوية، إلا أن هذه العوامل اختفت تمامًا وانكشف ضعف السوق المحلي الذي وصل لأضعف حالاته منذ 20 عامًا.

بداية النهاية

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن أردوغان يتخلف عن العديد من منافسيه وعلى رأسهم عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي يُوصف بأنه أكبر منافس محتمل، وهو ما أكدته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في تقرير لها، مضيفة أنه كان يُتوقع من رجب طيب أردوغان أن يستجيب لتحذيرات المقربين منه من خلال معالجة التضخم الذي وصل إلى معدل رسمي يبلغ نحو 80%، قبل الانتخابات، ولكنه من ذلك واصل اتباع سياسات وصفها الخبراء بأنها تجربة اقتصادية سيئة، في ظل محاولات شعبية للتكيف مع أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.
فيما يرى مراقبون أن السؤال الذي يدور في أذهان المواطنين الأتراك، هو ما إذا كانت المصاعب المتزايدة على نطاق واسع تنذر ببداية النهاية للرجل الذي سيطر على السياسة في البلاد منذ ما يقرب من عقدين، وكان من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يونيو 2023، ولكن يمكن إجراؤها في وقت مبكر إذا شعر أردوغان أن فرصه ستتحسن من خلال الدعوة إلى تصويت مبكر".