اغتيال واختطاف جماعي.. القصة الكاملة لجرائم الحوثيين بحق آل حنتوس

اغتيال واختطاف جماعي.. القصة الكاملة لجرائم الحوثيين بحق آل حنتوس

اغتيال واختطاف جماعي.. القصة الكاملة لجرائم الحوثيين بحق آل حنتوس
اختطاف آل حنتوس

في واحدة من أبشع الجرائم التي هزّت اليمن وأثارت موجة غضب شعبي وحقوقي، اقتحمت ميليشيا الحوثي منزل الشيخ صالح حنتوس، أحد أعمدة تعليم القرآن الكريم في محافظة ريمة، وقصفته بقذائف "آر بي جي"؛ ما أدى إلى مقتله أمام أعين زوجته ووالدته الطاعنة في السن، وسط حصار خانق منع حتى إسعاف الجرحى.

الجريمة لم تتوقف عند القتل، بل امتدت إلى حملة اختطافات واسعة طالت عشرة من أفراد أسرته، بينهم أبناء شقيقه الشيخ سعد حنتوس، مؤسس دار لتحفيظ القرآن في اليمن، لم يكن صالح مجرد شيخ قرية، بل كان رمزًا دينيًا ومعلّمًا للأجيال، يمارس دوره في تعليم القرآن واللغة العربية، في وقت تعتبره الجماعة الحاكمة خطرًا على خطابها العقائدي، جريمة ريمة تكشف مجددًا ممارسات قمعية ممنهجة تمارسها جماعة الحوثي ضد الأصوات الدينية غير الخاضعة لها، وتحول المساجد ودور العلم إلى ساحات حرب ضد خصومها.

*جرائم الحوثي*


في مشهد دموي يتقاطع فيه الدين بالقمع، نفذت ميليشيا الحوثي جريمة بشعة بحق أحد رموز التعليم القرآني في اليمن، الشيخ صالح حنتوس، الذي قُتل بعد قصف منزله في قرية المعذب بمديرية السلفية في محافظة ريمة.

وقبل إعلان مقتله بساعات، فرضت الميليشيا حصارًا عسكريًا مشددًا على منزله، مستخدمة أكثر من 20 مجموعة مسلحة، قبل أن تطلق قذائف آر بي جي بشكل مباشر على المبنى؛ ما أدى إلى وفاته وإصابة زوجته بجروح خطيرة، ومنع إسعافها، وسط صرخات مسجلة لوالدتها الثمانينية المحاصرة معهم.

وفق روايات شهود العيان، فإن عملية القصف تمت بينما كانت النساء داخل المنزل، إحداهن مسنّة تبلغ من العمر 85 عامًا، ما زاد من بشاعة الجريمة التي وُصفت بأنها "تصفية متعمدة" لرجل دين لم يشهر السلاح، بل كان يحفظ القرآن لأبناء قريته.

الهجوم جاء على خلفية رفض الشيخ حنتوس إيقاف تعليم وتحفيظ القرآن واللغة العربية في مسجد القرية، وهو نشاط تعتبره جماعة الحوثي تهديدًا مباشرًا لتوجهها العقائدي. 

*حملة انتقامية*


في وقت لاحق، أكد شقيقه الشيخ سعد حنتوس، مؤسس دار الفرقان في صنعاء، أن الميليشيا اختطفت عشرة من أفراد العائلة، بينهم أبناؤه، في إطار حملة انتقامية ممنهجة.

الشيخ سعد، الذي فقد أخاه وخسر حريّة أسرته، تلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، قدّم له فيه التعازي، في لفتة سياسية تعكس حجم الاهتمام بهذه الحادثة التي تجاوزت بعدها المحلي.

في عام 2014، حين اجتاح الحوثيون صنعاء، كانت دار الفرقان من أوائل المؤسسات التي اقتحموها، وأوقفوا فيها التعليم القرآني، وحوّلوها إلى سجن غير معلن لمعارضيهم. 

وتكشف هذه الحادثة عن نمط متكرر في ممارسات الجماعة، التي تسعى إلى احتكار الخطاب الديني وتصفية أي تيار ديني لا يخضع لسلطتها.

في السياق ذاته، أصدرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بيانًا دانت فيه الهجوم، ووصفت القصف بأنه جريمة مكتملة الأركان نفذت بإشراف مباشر من قيادات حوثية مثل فارس الحباري، منتحل صفة محافظ ريمة، وفارس روبع.

البيان الحقوقي شدد على أن الحادثة تندرج ضمن سلسلة انتهاكات صارخة ترتكبها الميليشيا، من بينها القتل خارج القانون، منع الإسعاف، ومداهمة منازل المدنيين دون مبرر قانوني.

كما اعتبرت الشبكة، أن ما جرى يُظهر وجه الحوثيين الحقيقي، بعيدًا عن الشعارات الثورية أو الشعارات الدينية التي يرفعونها.

على مستوى الشارع، انتشر وسم صالح حنتوس كالنار في الهشيم، وتداول نشطاء يمنيون فيديوهات ورسائل صوتية تُظهر المأساة من داخل المنزل المحاصر، ما أشعل غضبًا واسعًا على وسائل التواصل.

ونشر الصحفي هشام المسوري، أحد أقارب الضحية، تسجيلًا صوتيًا لجدته من داخل المنزل، تطلب فيه الاستغاثة، وتصف الرعب الذي تعيشه العائلة لحظة بلحظة.

جريمة ريمة ليست استثناء، بل تأتي ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات التي طالت رجال دين، تربويين، ومواطنين لمجرد أنهم لم ينخرطوا في مشروع الحوثيين. 

لكن استهداف شخصية بحجم الشيخ حنتوس، بكل هذا العنف، يشير أن الحوثيين باتوا يخشون حتى المساجد الصغيرة، إذا ما خرج منها خطاب قرآني مستقل لا يخضع لولاية فقيههم في صعدة.