نقطة انعطاف.. العراق تواجه تهديد كبير بسبب المواجهات بين الميليشيات الإيرانية والقوى الأمريكية

العراق تواجه تهديد كبير بسبب المواجهات بين الميليشيات الإيرانية والقوى الأمريكية

نقطة انعطاف.. العراق تواجه تهديد كبير بسبب المواجهات بين الميليشيات الإيرانية والقوى الأمريكية
صورة أرشيفية

تمكن العراق لسنوات طويلة من تحقيق توازن غير متوقع، ما سمح للقوات المسلحة المرتبطة بكل من الولايات المتحدة وإيران، العدو الأمريكي، بالعمل على أراضيه، ولكن أصبحت الأوضاع هش، وتهدد بتحويل العراق لساحة حرب بالوكالة، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.  
  
استقرار هش  

وبحسب الصحيفة، فإنه عندما أرادت واشنطن وطهران وبغداد تنفيذ هدف القضاء على داعش، كانت العلاقات مستقرة إلى حد ما، ولكن في الأشهر الأخيرة، بينما ترسل الحرب في قطاع غزة تموجات عبر المنطقة، بدأت الولايات المتحدة وإيران تشتبكان بشكل غير مباشر في العراق وسوريا، وأدت ضربة أمريكية على إحدى تلك الميليشيات الأسبوع الماضي إلى مقتل 16 عراقيًا، ويقول العراق: "إنه طفح الكيل".  

وأضاف مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني - في بيان- : "أرضنا وسلطتنا السيادية ليست المكان المناسب للقوات المتنافسة لإرسال الرسائل وإظهار قوتها".  

وتابعت الصحيفةن أنه لسنوات عديدة، كان لكل من إيران والولايات المتحدة أنصار داخل الحكومة العراقية، وكانت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران والقوات الأمريكية تعيش في توازن مقبول وإن كان غير مستقر، ولكن بدأ ذلك يتغير في عام 2020 ، بعد أن قتلت الولايات المتحدة أحد كبار قادة الأمن والمخابرات في إيران، الجنرال قاسم سليماني، وهو شخصية تحظى باحترام واسع في الداخل، في هجوم بطائرة بدون طيار أثناء زيارته للعراق، بدأ الإيرانيون في الضغط بقوة من أجل طرد الجيش الأمريكي.  

وأضافت، أن الزعماء العراقيون قاوموا ذلك، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الانقسامات حول الدولة التي يجب أن يميل العراق نحوها، وحتى بعد عام 2022، عندما تمكنت الأحزاب القريبة من إيران من تشكيل حكومة، كان هناك فرق ملحوظ بين ما قاله المسؤولون العراقيون عن الولايات المتحدة علنًا وما قالوا في السر، ولكن تبدو حكومة السوداني متشددة على نحو متزايد.  

وكان بيانها يوم الأحد الذي يدين القتال على أراضيها واضحا بشكل خاص في انتقادها للولايات المتحدة، واصفة الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي في غرب العراق بأنه "عدوان صارخ" عرّض المحادثات بشأن خفض عدد القوات الأمريكية في العراق للخطر، وحذر البيان من أن العنف لا يولد إلا العنف.  
  
وضع شائك  

وأكدت الصحيفة، أن هذه التعليقات تعكس الوضع الشائك الذي تجد الحكومة العراقية نفسها فيه وهي تتفاوض على انسحاب القوات الأمريكية الموجودة في العراق بشكل متقطع منذ عام 2003، ويتعرض العراق لضغوط من إيران، التي تعتبر الولايات المتحدة عدوًا لدودًا، لإجبارها على الإزالة الكاملة للقوات الأمريكية من أراضيها، لكن عددًا من المسؤولين العسكريين في العراق والولايات المتحدة يعتقدون أن البلاد ستستفيد من الوجود العسكري الأمريكي المحدود، الذي يركز على التدريب وتتبع التهديد المتبقي من تنظيم الدولة الإسلامية.  

وتابعت، أن الحكومة العراقية تتمتع بعلاقات سياسية وعسكرية عميقة مع إيران، وقد أشارت يوم الأحد فقط إلى الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في العراق، والتي هاجمت المعسكرات والقواعد الأمريكية أكثر من 160 مرة منذ بدء الحرب بين حماس وإسرائيل في عام 2016.   

وأضافت، أن تلك الهجمات هي التي أدت إلى حدوث حالات انتقامية أمريكية مؤخرًا، بما في ذلك الهجوم الذي وقع يوم الجمعة والذي أسفر عن مقتل 16 جنديًا عراقيًا؛ ما أثار غضب الكثيرين في الحكومة العراقية، جاء ذلك في أعقاب غارة بطائرة بدون طيار في 28 يناير شنتها ميليشيا عراقية مدعومة من إيران أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في قاعدة بشمال غرب الأردن.  
  
نقطة انعطاف  

ويشير المحللون الذين يتابعون الوضع في العراق عن كثب، إلى أن الأحداث الأخيرة قد وضعت البلدين عند نقطة انعطاف، ما قد يؤدي إلى انسحاب القوات الأمريكية بشكل أسرع مما كانت تأمله الولايات المتحدة - وكثيرون في العراق.  

وقال ريناد منصور، مدير مبادرة العراق في مجموعة تشاتام هاوس البحثية ومقرها لندن: إن المشكلة بالنسبة لكل من الحكومتين العراقية والأمريكية هي أن أيًا منهما لا يريد التصعيد ولا يريد استمرار وجود القوات الأمريكية.  

وتابع منصور: أن قبل الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، والقصف الإسرائيلي الانتقامي وغزو قطاع غزة، كان كل من العراق والولايات المتحدة "على نفس الصفحة"، وأعربا عن أملهما في التفاوض على اتفاق مفيد للطرفين.
   
وقال كولين بي. كلارك، رئيس الأبحاث في مجموعة سوفان، وهي شركة استشارات أمنية واستخباراتية مقرها واشنطن: إنه يشعر بالقلق من تصاعد وتيرة التصريحات الخطابية من جانب الأميركيين والعراقيين خلال الأيام القليلة الماضية.   

وأضاف: أن الخطر يكمن في "أن تصبح الحرب الكلامية نبوءة ذاتية التحقق، حيث تصعد الولايات المتحدة من خطابها وتفعل الحكومة العراقية الشيء نفسه، ومن ثم يأتي دور من سيتراجع أولاً".  

وقال العديد من المحللين العراقيين: إن السوداني، مثله مثل الرئيس بايدن والزعيم الإيراني آية الله خامنئي، لديه سياسات داخلية يجب أن يأخذها في الاعتبار، وقال إحسان الشمري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد: "إنه يشعر بالقلق من أنه يبدو الآن ضعيفًا".