معاناة الصومال.. بين انتهاكات فرماجو وأزمة الانتخابات وشراسة كورونا

معاناة الصومال.. بين انتهاكات فرماجو وأزمة الانتخابات وشراسة كورونا
الرئيس الصومالي

بين الفوضى السياسية والاحتجاجات الشعبية والإرهاب والحروب الأهلية وأزمات التعليم، تشهد الصومال تدهورًا بالوضع الصحي بشكل مزرٍ، في ظل انشغال النظام والرئيس المنتهية ولايته عبدالله فرماجو بالسيطرة على الحكم دون الالتفاف لمعاناة الشعب.

موجة ثانية لكورونا


تعاني الصومال من ضعف في النظام الصحي، وضعف بالغ في عدد المستشفيات المخصصة وهم 3 فقط في مقديشو، فضلا عن نقص المعدات الطبية وفي مقدمتها أجهزة التنفس الاصطناعي، وغياب اللقاحات، وسجلت البلاد في آخر بيان 3423 شخصا مصابا بكورونا.

واستمرارا لتلك الأزمة، أعلن وزير الإعلام الصومالي، عثمان دبي، عدة إجراءات جديدة لمواجهة الموجة الثانية من فيروس كورونا المستجد، قائلا إنه: "بعد تقييم شامل للموجة الثانية من فيروس كورونا ومراجعة القرارات الحكومية السابقة لاحتواء الفيروس واستنادا إلى توصيات اللجنة الوطنية بمكافحة الفيروس والحد من انتشار الموجة، أمر رئيس الوزراء بحزمة قرارات منها إغلاق المدارس والجامعات الحكومية والأهلية، وفرض ارتداء الكمامات في الأماكن العامة".

 وتابع دبي أنه: "سيتم إغلاق المكاتب الحكومية واتباع سياسة العمل من المنزل باستثناء الموظفين القائمين بالخدمات الضرورية وأيضا تقليص حركة التنقل بين العاصمة مقديشو والولايات"، مشيرا إلى "السماح بمزاولة نشاط حافلات وباصات النقل العام بشرط فرض الكمامات وتطبيق قواعد التباعد الجسدي" .

وأضاف أنه سيتم حظر جميع أنواع المناسبات من حفلات الزفاف والتجمعات البشرية أكثر من ١٠ أشخاص مثل أماكن السهر الليلي لمدة شهر كامل اعتبارا من الأربعاء، وستخضع التجمعات السياسية المرخصة بالتزام المشاركين بارتداء الكمامات والتباعد الجسدي مثل المظاهرات المرتقبة للمعارضة السبت المقبل.

أزمة سياسية 


ومنذ الشهر الماضي، تشهد الصومال واحدة من أعنف أزماتها الأمنية، التي يجرى فيها انتهاك صارخ للقانون والدستور، بتأجيل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ما يسحب من السلطة الحالية الحكم، بانتهاء فترة رئاسة عبدالله فرماجو وفقا للدستور.

وأعلن فرماجو على انتهاك فادح للدستور، حيث كان من المقرر إجراء الانتخابات التشريعية في نهاية العام الماضي، ولكن تم تأجيلها بسبب الخلافات السياسية، كما كان من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في 8 من فبراير الماضي، ولكن قبل أيام أعلن فرماجو تأجيلها بذريعة انهيار المباحثات بين ساسة بارزين، ليتمكن من الاستمرار في الحكم حتى الآن، رغم كون ذلك منافيا للدستور وأن حكومته باتت "مؤقتة"، في انتهاك صارخ للقوانين.

ووفقا للدستور الصومالي، تنتهي المدة الرئاسية لفرماجو التي تبلغ 4 سنوات، في 7 فبراير 2021، ما يجعله حاليا ليس بحاكم للبلاد، لذلك كان من المفترض إقامة انتخابات قبل الموعد الحالي لكن فرماجو كان طامعا بالسلطة.

وهو ما أجج الغضب الشعبي بالصومال، حيث شهدت العاصمة معركة بالأسلحة النارية بين مقاتلين موالين للحكومة وآخرين تابعين للمعارضة، وتم إغلاق بعض الشوارع لمنع الاحتجاجات.

استغلال حركة الشباب


ووسط تلك الأحداث، برزت المخاوف من استغلال الاشتباكات لصالح حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، وعودة شبح الحروب الأهلية، وهو ما تحقق بالفعل، حيث أحرقت قرية كاملة على بعد أربعين كيلومترا بغرب العاصمة مقديشو.

وشنت حركة الشباب الإرهابية، الأسبوع الماضي، هجوما عنيفا على قرية "ياقبري ويني" في محافظة شبيلى السفلى بولاية جنوب غرب الصومال، وفتحت النار عليها، في سابقة خطيرة ومقلقة للحركة الإرهابية.

تعنت فرماجو


ورغم الرفض الشعبي والأزمات الطاحنة، لم يبادر فرماجو بحل الأزمة وتعنت للاستمرار بالحكم ومحاولة عرقلة أي مفاوضات حتى بعد تدخل الوساطة الدولية.

واكتفى فرماجو بدعوة رؤساء الولايات، لمناقشة دورهم في حوار العملية الانتخابية، في العاصمة مقديشو، الخميس المقبل، وحتى الآن لم تكشف كل الولايات مواقفها من تلك الدعوة.

وسبق أن اشترطت ولايتا جوبلاند وبونتلاند للتفاوض عقد المشاورات في مكان محايد، وتأمين قوة محايدة، وقيادتها من قبل رئيس الوزراء، وتوفير ضمانات دولية لالتزام الأطراف بتنفيذ أي اتفاق قد يبرم حول الاقتراع.

وفي محاولة لترسيخ الديمقراطية وتهدئة الأوضاع، بادرت الأمم المتحدة بالوساطة في عقد لقاء بين ممثلين من الاتحادين الإفريقي والأوروبي وسفراء أوروبيين، مع مبعوث الأمم المتحدة في الصومال جيمس سوان، بين الحكومة والمعارضة كلا على حدا أولا، ثم لقاء آخر بين الحكومة برئاسة محمد حسين روبلي، والمعارضة في العاصمة مقديشو، للوصول إلى حل الأزمة، ووضع خارطة طريق في ملف الانتخابات ومنع انزلاق البلاد نحو الفوضى.

الاحتجاجات مستمرة 


على الرغم من لقاء الحكومة بالمعارضة الصومالية، إلا أنها لا تثق في فرماجو وحكومته، لذلك ناشدت بتنظيم مظاهرات جديدة الجمعة المقبلة، لرفض مواقف الرئيس الصومالي المنتهية ولايته، بينما ردت عليها الحكومة بقرار منع التجمعات العامة بإغلاق المحال ووقف الدراسة في الجامعات.

وأعلن مجلس اتحاد مرشحي الرئاسة الصومالية خارطة طريق لحل الأزمة السياسية الراهنة في البلاد، تتضمن 10 بنود أساسية، منها إجراء تحقيق مستقل في هجوم استهدف فندقا كان يقيم فيه رئيسان سابقان، وإطلاق النار على محتجين بقيادة مرشحي المعارضة في مقديشو، وتسليم الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو السلطة لمجلس انتقالي وطني، لفقدانه ثقة الأطراف السياسية وانقضاء عهدته الدستورية، ومشاركته بالجولات القادمة كمرشح عادي وليس كرئيس.

وطالب بتسريع التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن القضايا الخلافية الثلاث حول الانتخابات، مع ضرورة إقالة أو استقالة قادة القوات المسلحة الصومالية، من الجيش والمخابرات والشرطة، المتهمين بالمشاركة في الهجمات على المدنيين وإطلاق النار على المرشحين الرئاسيين.