جحيم صغار التجار في قطر... أزمة المسكوت عنهم

جحيم صغار التجار في قطر... أزمة المسكوت عنهم
صورة أرشيفية

في الوقت الذي يعاني فيها الاقتصاد القطري بأكمله من أزمات متلاحقة وضغوط مستمرة ويتلقى دعوات ومطالبات بتدخل سريع للنهوض بالقطاع التجاري ودعم صغار التجار وأصحاب المؤسسات الصغيرة على أمل تحسين أوضاعهم في ظل تداعيات تفشي فيروس كورونا، وما قبله من مقاطعة عربية أرهقت المؤسسات الكبيرة قبل الصغيرة، يتجاهل النظام القطري الأزمات التي تضرب صغار التجار؛ حيث أصبح معظمهم يواجه شبح الإفلاس دون وجود دعم ملموس من الدولة التي تصر دائمًا على تجاهل أزماتهم وتضييق الخناق عليهم.
 
الأزمات تضرب جميع القطاعات.. والحكومة تهتم بالكبار فقط


الأزمات الاقتصادية في قطر ضربت جميع القطاعات، ورغم انخفاض أرباح الشركات القطرية المدرجة أسهمها  في بورصة قطر بنهاية الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بنسبة 17.3% على أساس سنوي إلى 24.4 مليار ريال بضغط من الأثر الاقتصادي لجائحة كورونا، وانخفاض أرباح خمسة قطاعات بقيادة التأمين الذي تراجعت أرباحه بنسبة 90%، ثم قطاع البنوك والخدمات المالية الذي هبطت أرباحه بنسبة 10.6% وصولا إلى 16.9 مليار ريال، ما يمثل نحو 69% من أرباح الشركات المدرجة بنهاية سبتمبر 2020، فيما سجل قطاعا الاتصالات والنقل نموا بنسبة 16% و9.5% على التوالي، إلا أن النظام القطري دائمًا ما يحاول دعم ومساعدة الكيانات الكبرى فقط، متناسيًا آلاف القطريين الذين يكافحون للبقاء في ظل ظروف اقتصادية منهارة بشكل غير مسبوق.
 
صغار التجار والمؤسسات الصغيرة الأكثر تضررًا في السنوات الماضية


وسجلت الدوحة أقل إنتاج محلي خلال الثلاث سنوات الماضية بناءً على تقارير البنك الدولي، وكان الأكثر تضررًا هي الشركات المتوسطة والصغيرة وصغار التجار في قطر، وأصدرت وزارة المالية تعليمات إلى الوزارات والمؤسسات والكيانات الحكومية الممولة من الدولة لخفض النفقات الشهرية للموظفين غير القطريين بنسبة 30 بالمئة، بدءا من يونيو الماضي، إما عن طريق تقليل الرواتب أو تسريح العمال بإشعار لمدة شهرين.


طالبت الدوحة مؤسسات ذات تمويل حكومي، في يونيو الماضي، بخفض الإنفاق على أجور الموظفين غير القطريين، في الوقت الذي تحاول فيه دعم مواردها المالية لمواجهة تأثير جائحة فيروس كورونا، حسبما أوضحت وثيقة رسمية.


بالإضافة إلى تقليل ميزانيات أجور الأجانب، ووقف بعض الاستحقاقات الأخرى التي أثر بعضها على الموظفين غير القطريين. كما أمرت بوقف الترقيات والبدلات النقدية للموظفين مقابل الإجازات وتذاكر السفر، علاوة على معظم المدفوعات المسبقة.


وعانت قطر من زيادة حجم الدين الخارجي خلال 2019 بنسبة 25.34 بالمائة على أساس سنوي، تقدر بـ39.64 مليار ريال (10.99 مليار دولار)، ليصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق.
 
بعضنا فقد دخله بالكامل.. وانتقل بتجارته لـ"الإنترنت" للهروب من الإيجارات


يقول ف.ح 39 عاما، قطري، الإيجارات في ارتفاع مستمر وصغار التجار لا يصغي لهم أحد، مضيفًا، نحن أكثر من تأثر من الإجراءات الاحترازية وتداعيات مواجهة تفشي فيروس كورونا، فالبعض خسر جزءا من دخله، والبعض الآخر فقد كامل دخله بسبب استثماره في نشاطات تم وقفها تمامًا مثل المقاهي وشركات العقارات والشركات السياحية الصغيرة.


وأضاف: لم نجد من السلطات في قطر دعما حقيقيا لنا، بعضنا عجز عن سداد إيجار المحال، والبعض الآخر انتقل للبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي توفيرًا لمصروفات الكهرباء والإيجار والخدمات.


وتابع: قرارات الحكومة اهتمت فقط بدعم المؤسسات والشركات الكبرى للحفاظ على مظهر الدولة، إلا أن نتيجة لذلك زادت الضغوط على الشركات المتوسطة والصغيرة التي تنكمش تدريجيًا بشكل ملحوظ.

تسريح العمالة ونزوح عشرات الآلاف دمر مشروعاتنا الصغيرة


في السياق ذاته، يقول محمد.ش 51 عامًا، أعمل في إحدى المؤسسات الكبرى، وأدير مشروعًا صغيرًا لتحسين الدخل، ومنذ أزمة كورونا وتتكالب علينا الأزمات، فالمؤسسات الكبرى تلقت أوامر واضحة من الحكومة بخفض الإنفاق والتقشف، والمشروعات الخاصة الصغيرة لم تعد تستطيع الصمود أمام تلك التحديات.


وأضاف محمد: تسريح العمالة وتقليل الرواتب أمر أصبح طبيعيا ولا تستطيع الشكوى بسببه، رغم هدمه الكامل للاستقرار، قرارات التسريح لعشرات الآلاف من العمالة غير القطرية أضرت بنا بشدة خاصة مع نزوح ما يقرب من 10% من سكان قطر حسب الإحصاءات الرسمية مما قلل من حركة البيع والشراء.


وتابع: قطر بها 95% من حجم العمالة من غير القطريين، إذا قمت بتسريحهم وعادوا إلى بلادهم فلمن نبيع خاصة مع الخصومة التي تسبب فيها النظام القطري الحاكم مع الجيران العرب الذين كنا نعتمد عليهم في عمليات البيع والشراء.