ثلاثي الشر.. جرائم مُمنهَجة ضدّ "الصحفيين" في "قطر-تركيا-إيران"

ثلاثي الشر.. جرائم مُمنهَجة ضدّ
صورة أرشيفية

يحتل ثلاثي الشر "قطر – تركيا – إيران" المراكز الأولى في ممارسة القمع وكبت الحريات وانتهاكات حقوق الصحفيين، ولا تفرق تلك الدول بين الصحفيين المتواجدين على أراضيها ومَن هم خارجها فالقمع للجميع.. وميليشياتهم وحلفاؤهم في سوريا واليمن والعراق وليبيا يسيرون على خطاهم وينفذون أجنداتهم بكل دقة.
 
بأوامر أردوغان.. تركيا «السجن الأضخم للصحفيين» في العالم


البداية عند تركيا تحت حكم "رجب طيب أردوغان" الذي نجح في تحويلها إلى السجن الأكبر للصحفيين في العالم،  فتتوالى عمليات اعتقال الصحفيين وكُتاب الرأي بشكل يومي ولا يمر شهر واحد على تركيا دون أن يُلقى في السجون عشرات الصحفيين.


لجنة حماية الصحفيين أكدت في تقاريرها أن تركيا كانت تحتل المركز الثاني عالميًا في قائمة الدول الأكثر اعتقالًا للصحفيين – بعد الصين – وخلال الأعوام الثلاثة الماضية ونتيجة لسياسات أردوغان وتداعيات انقلاب 2016 المزعوم، نجحت في انتزاع المركز الأول عن جدارة للتربع على قائمة الدول الأكثر قمعًا للصحافة والإعلام.


 اللجنة التي تتخذ من ولاية نيويورك الأميركية مركزًا لها، وصفت تركيا بأنها "السجن الأكبر للصحافيين حول العالم"، مشيرًا إلى أن تركيا تتبوأ الصدارة على مستوى العالم في هذا الشأن، وذلك ليس لسنة واحدة، وإنما لثلاث سنوات متتالية.


 لجنة حماية الصحفيين أوضحت أيضًا في تقريرها أن الحكومة التركية أصدرت قرارات بغلق أكثر من 100 قناة إخبارية، وفصلت العديد من الصحافيين، وقالت في تقريرها: "أما الصحافيون الذين لم يدخلوا السجن في تركيا حتى الآن، فهم إما قيد المحاكمة في الوقت الحالي أو لجؤوا إلى محاكم التمييز والاستئناف للطعن على القرارات الصادرة ضدهم، بينما صدرت أحكام غيابية في حق الكثير ممن يقيمون خارج البلاد، مع وضعهم على قوائم ترقب الوصول لاعتقالهم فور الوصول إلى تركيا".
 
الصحافة الحرة.. محرمة على أرض قطر والاعتقال لأهون الأسباب


ولا تختلف الأوضاع كثيرًا في قطر التي تشهد بشكل دائمًا قوانين وعوائق يصنعها النظام لتقييد حرية الصحافة والرأي والتعبير وقمع النشطاء، فاعتقال الصحفيين في قطر أمر طبيعي إذا ما حاول الصحفي مهما كانت جنسيته أن يكشف جزءًا من فساد النظام الحاكم أو الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة الوافدة في قطر.


ممثل الاتحاد الأوروبي في حقوق الإنسان طالب الدوحة بإلغاء العديد من القوانين التي تحدّ من حرية التعبير، مشيرًا إلى قانون الصحافة لعام 1979 الذي يحكم ترخيص المطبوعات بعد السماح للمسؤولين بإدخال تصحيحات على الأخبار وبموجب القانون نفسه يستطيع المسؤول القطري تعليق صدور المطبوعات لمدة 3 شهور في حال رؤيته أن هناك أخبارًا تتعارض مع المصلحة العامة.


منظمات حقوقية دولية انتقدت أيضًا قانون منع الجرائم الإلكترونية القطري الذي صدر في عام 2014، ويقضي بالسجن لمدة ثلاث سنوات لأي شخص يُدان بتأسيس منصة رقمية لـ"أخبار مزيفة"، إلا أنه لم يتم تعريف ما هي "الأخبار المزيفة" في ذلك القانون، وتم تشديد هذه العقوبة إلى 5 سنوات مؤخراً في حال ثبوت "سوء النية". 


وحذر خبراء مستقلون في الأمم المتحدة في السابق من أن قوانين قطر "الصارمة" التي ترقى إلى مستوى الاحتجاز التعسفي، تعتبر انتهاكًا واضحًا لحقوق حرية التعبير.


ولم يسلم من القمع القطري حتى الصحفيين الأجانب الذين حاولوا نقل الحقيقة بعيدًا عن أوامر وتعليمات النظام الحاكم في قطر، فقامت السلطات القطرية باعتقال بعضهم وترحيل بعضهم ومنعهم من ممارسة العمل الصحفي داخل قطر، ولكن بعد الانتقادات العنيفة عادت قطر في محاولة منها لتبييض صورتها أمام الرأي العام العالمي، لتدعو صحفيين غربيين ليروا بأنفسهم كيف حسنت الحكومة ظروف عيش العمالة المختصة بأعمال الإنشاءات الخاصة بـ"مونديال 2022"، في مايو 2015، لكن عندما حاول مراسل "بي بي سي" مارك لوبيل الابتعاد عن رجال الأمن القطريين ليتحقق بنفسه من صحة هذه الادعاءات، ورغم بساطة ما حاول مارك فعله، إلا أن السلطات القطرية اعتقلته مع فريق العمل على الفور.


يقول، "م،ن" 34 عامًا، صحفي مصري يعمل في قطر: للأسف خدعنا منذ سنوات طويلة وصدقنا دعاوى النظام القطري باحترامه للحريات وإعطائه مساحات واسعة للصحافة لتعمل كما ينبغي، ولكن منذ اللحظات الأولى لعملي في قطر أدركت الحقيقة أننا جميعًا مراقبون، فالكاميرات وأجهزة التصنت في كل مكان ومن يبدي اعتراضًا على ما يحدث يعتقل أو يرحل على الفور إلى بلاده دون الحصول على أموال ويقال له يكفيك الحصول على حريتك.


وتابع، جميع الصحفيين في قطر يرون الانتهاكات حولهم في كل شبر من أرض قطر، ولكن لا يستطيعون كاتبة حرف واحد عما يحدث، ليس فقط في صحفهم ومواقعهم الإلكترونية بل أيضًا على حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي فالجميع مراقبون والجميع معرضون للاعتقال في أي لحظة.
 
إيران.. الصحفيون يُعدمون بتهمة "الفساد في الأرض"


في إيران تتجاوز وحشية النظام القمع والاعتقال والسجن، لتصل إلى حدود لم يسبقها إليهم أحد فالصحفي الذي لا يرضى عنه نظام الملالي قد يجد نفسه محكومًا عليه بمئات الجلدات أو بالإعدام.


في يوليو الماضي، أصدر القضاء الإيراني، حكمه بإعدام الصحفي "روح الله زم"، بتهمة "الفساد في الأرض" وذلك بعد أشهر من إعلان الحرس الثوري الإيراني اعتقاله في ظروف غامضة، وتهمة "الفساد في الأرض" لا توضح جريمة محددة، إلا أنها جريمة تستخدمها السلطات الإيرانية أحيانًا في قضايا تتعلق بمزاعم محاولات لقلب الحكومة في البلاد.


ويذكر أن "زم" الذي كان يعيش في فرنسا اعتُقل العام الماضي أما فيما يتعلق بكيف وأين تم ذلك فلا يزال غامضًا، ووفقا لوزارة الخارجية الفرنسية فإن "زم" غادر البلاد في 11 من أكتوبر وبعدها بثلاثة أيام أعلن الحرس الثوري بإيران اعتقاله.


وذكر بيان الحرس الثوري أن "روح الله زم" كان "مُناهضًا للثورة"، وخلال الأعوام الأخيرة "كان يدير عمليات حرب نفسية واسعة لزرع الخلافات في أركان الدولة في الجمهورية الإسلامية وإثارة التخويف من إيران وفبركة الأكاذيب وإثارة الشبهات لدى جيل الشباب إزاء المعتقدات والمبادئ الدينية والدعاية وتوفير أرضيات أعمال العنف والإرهاب وخلق الفوضى والاضطرابات في البلاد".


يقول "حسن الباهر"، 40 عامًا، صحفي إيراني المحاكم الإيرانية ليس بها قانون أو قضاة بل منفذون فقط لمشيئة الملالي، سجن الصحفيين وتعذيبهم وجلدهم بل وإعدامهم أمر طبيعي للغاية في بلادي.


وتابع حسن، زميل لي انتقد الأوضاع الاقتصادية على حسابه الشخصي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يمر أسبوع دون أن يختفي تمامًا ويظهر في أحد السجون ملفقًا له تهم تتصل بالأمن القومي وانتهى الأمر بجلده 80 جلدة وسجنه لعامين.


وأضاف حسن، هذا المثال يحدث بشكل دائم فلا يمر شهر دون أن يُلقَى أحدنا في سجون الملالي ففي إيران لا حقوق للصحافة أو الصحفيين ومَن يكتب حرفًا ضدّ النظام الحاكم يعتبر خائنًا ويعرض نفسه لخطر الشنق.


يقول "حسن"، نشعر أن العالم يئس من محاولة إصلاح نظام الملالي فرغم العقوبات الدولية والتنديد الأممي إلا أن الحال يبقى كما هو عليه، فلا توجد في بلادنا صحافة من الأساس وكل ما يعارض النظام يعارضه من الخارج أو يكون عليه الاستعداد لقضاء باقي حياته داخل السجون إذا ما سمحوا له بالحصول على الحق في الحياة.