قاسم تاج الدين.. من هو اللبناني المثير للجدل الملقب بـ وزير مالية حزب الله؟

قاسم تاج الدين.. من هو اللبناني المثير للجدل الملقب بـ وزير مالية حزب الله؟
قاسم تاج الدين

بعد الإفراج عنه بطريقة غريبة، أثار مجددا رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين، الجدل، كونه ‏يوصف بأنه "أنبوب أموال حزب الله"، حيث يدير شبكة عالمية متورطة بصفقات مشبوهة، تهدف إلى تبييض أموال الميليشيات.

البداية والصفقات المشبوهة

رغم شهرة قاسم تاج الدين، إلا أنه أخفى كل المعلومات الشخصية الخاصة به حتى في بلاده، ولا يعرف عنه سوى أنه ولد بريف لبنان، ليقفز سريعا إلى الثراء بطرق مجهولة، حيث أصبح يدير شبكة عالمية بمختلف الدول لصالح الميليشيات، وشملت أنشطته التجارية العملاقة ٧ شركات كبرى في بلجيكا ودول إفريقيا، يديرها من خلال وكلاء، وتجنيد عمال محليين للعمل ودفع رواتب متدنية لهم، حتى بات يوصف بأنه وزير مالية حزب الله.

وكشفت صحيفة عبرية مسبقا، أن تاج الدين، البالغ من العمر 66 عاما، أنشأ شركات تجارية في بلدان فقيرة، لتنفيذ الاستثمارات ونقل الأموال من الحسابات المصرفية للشركات، ثم تبييضها في بلد آخر.

أما عوائد مبيعات الأسلحة للميليشيات وفوائد المخدرات، فوضعها مبيض الأموال في حسابات تبدو بريئة، من خلال حياة وضع نسبة بسيطة في حسابات مختلفة حتى لا يثير الشبهات، ثم وضعه في حساب حزب الله ولكن على فترات.

أدار أنبوب أموال حزب الله العديد من الصفقات المشبوهة لصالح حزب الله، منها تهريب المخدرات وتبييض الأموال وضخ الملايين لخزائن الميليشيات، ومن خلاله تمكنت من دفع رواتب عناصرها وشراء الأسلحة وتنفيذ العمليات الإرهابية.

الإدانة الأميركية


في 2009، وضعت الحكومة الأميركية، قاسم تاج الدين، على لائحة الإرهابيين الدوليين ومنعت أي تعامل معه، حيث أعلنت حينها وزارة الخزانة أن تاج الدين يدير شبكة من الأعمال في لبنان وإفريقيا، ويضخ ملايين الدولارات في حسابات حزب الله، وأن شقيقه قيادي في التنظيم الموالي لإيران.

وبالفعل فإن شقيقه هو من القياديين الميدانيين السابقين في حزب الله ويمتلك شركة مقاولات تذهب مداخيلها لتمويل الحزب، حيث يدير الأشقاء تاج الدين إمبراطورية تجارية تشمل شركات تجارية وعقارية تمتد نشاطاتها بين إفريقيا وبلجيكا (التي يمتلك تاج الدين جنسيتها إلى جانب جنسيته اللبنانية) والشرق الأوسط، وتنشط هذه الشركات في غامبيا ولبنان وسيراليون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا والجزر العذراء البريطانية.

ورغم تلك العقوبات، تمكن وزير مالية حزب الله في متابعة أعماله، ولاسيما في إفريقيا، حيث استغل النظام المصرفي في الولايات المتحدة، وفقا لما تبين بعد عدة أعوام.

وظهر عام 2016، أنه تمكّن من تحويل أموال عبر المصارف وشراء بضائع من الولايات المتحدة وصلت قيمتها، بحسب البيانات المنشورة في الادعاء، إلى 50 مليون دولار أميركي، وشملت التحويلات والبضائع هيوستن في تكساس، وسافاناه في جورجيا، ونيواورلينز في لويزيانا، وموبيل في ألاباما، بالإضافة إلى أنغولا.

وقدرت السلطات الأميركية أن تاج الدين مع عدد من الأشخاص حولوا بين بلدان عديدة خلال تلك المرحلة أموالا قيمتها حوالي مليار دولار أميركي.

اعتقال وزير مالية حزب الله

وفي ٢٠١٧، مع صدور مذكرة دولية باعتقال تاج الدين في أحد مطارات المغرب، نشر الادعاء الأميركي تفاصيل نشاطاته المصرفية والتجارية في الولايات المتحدة، خلال مراحل محاكمته، أفلت رجل الأعمال اللبناني من لائحة طويلة من الاتهامات، ليعترف فقط في المحكمة هو بتبييض الأموال، ومقابل ذلك دفع تعويضا بقيمة 50 مليون دولار أميركي جراء خرقه "قوانين الأموال".

وقال بيان لوزارة العدل الأميركية حينها: إن الاعتقال جاء في أعقاب تحقيق واسع ساهمت فيه عدة وكالات فيدرالية كهيئة الجمارك وحماية الحدود وإدارة مكافحة المخدرات الأميركية واستمر نحو عامين.

فيما أكد محللون أن هذا التحقيق كان جزءا من عملية أمنية واسعة عرفت باسم "كاساندرا" استهدفت الكشف عن شبكة تمويل حزب الله وشاركت فيها أيضا أجهزة أمنية من سبع دول أوروبية.

وحينها قرر القاضي في مدينة واشنطن العاصمة سجن قاسم تاج الدين خمسة أعوام، بدأت منذ اعتقاله وكان من المفترض أن يبقى في السجن حتى العام 2023 لكن محاميه طلبوا إخلاء سبيله في منتصف العام الماضي، وقالوا في طلبهم إن وضعه الصحي لا يسمح بإبقائه سجينا في ظل انتشار جائحة كورونا في السجن الاتحادي، لتكون المفاجأة بموافقة القاضي وإطلاق سراحه وتسليمه إلى وكالة أمن الهجرة والجمارك الأميركية، ويعود إلى لبنان وقضائه ثلاث سنوات في السجن بتهمة "التحايل على قانون العقوبات الأميركية".

وأثار قرار إطلاق سراحه جدلا واسعا، ورجح أنه كان ضمن صفقة إطلاق سراح عامر فاخوري من لبنان، وهو مواطن لبناني أميركي، بالعام الماضي، بالإضافة إلى إطلاق سراح المواطن الأميركي مايكل وايت الذي احتجزه الحرس الثوري في عام 2018 خلال زيارة لصديقة له في طهران، وإطلاق السلطات الأميركية سراح مجيد طاهري، المواطن الإيراني الذي حُكم عليه بتهمة تصدير معلومات ومواد إلى إيران على الرغم من نظام العقوبات المفروضة عليها.

حماية حزب الله


بعد عودته، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، في مايو الماضي، أن قاسم تاج الدين، أرسل له صديقه الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، حراسة خاصة، كونه تجمعه علاقة وثيقة وعميقة.

وأضافت: أن الأمين العام لـ"حزب الله" ورجاله يمتنعون عن مقابلة تاج الدين منذ أكثر من عام، خوفا من أن يكتشف الأميركيون مكان تواجده، ويقوموا بإلقاء القبض عليه مجددا؛ إذ إن السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا ومسؤولين آخرين في السفارة يتقصون باستمرار حول مقر إقامة نصر الله وكبار أعضاء التنظيم، وهذا السبب وراء اختفاء "وزير مالية حزب الله".