"كورونا والسيول والأمطار" ثلاثي يضرب الاقتصاد السوداني بقسوة

صورة أرشيفية

تعاني السودان من تراكم للأزمات خلال الفترة الماضية، فمنذ جائحة كورونا وما صحبها من تداعيات اقتصادية تفاقمت مع طول مدة محاربة الفيروس في مختلف دول العالم إلى هطول الأمطار وضرب السيول لمختلف محافظات السودان بقسوة مما تسبب في تدمير آلاف المنازل وقتل وإصابة آلاف المواطنين وتشريد ونزوح عشرات الآلاف ومحاصرة مناطق عديدة شرق النيل.
 
السيول تضرب السودان وتدمر آلاف المنازل في 14 من إجمالي 18 ولاية في البلاد


السيول والأمطار الغزيرة التي ضربت السودان أدت إلى مصرع وإصابة مئات الأشخاص بالإضافة إلى تدمير 66 مرفقًا عامًا، وبلغ عدد المنازل التي دمرت كليا 3945 منزلا.


وأرسل الدفاع المدني  مساعدات بواسطة مروحيات إلى ألفين من عمال تعدين الذهب، حاصرتهم مياه السيول في شرق السودان، فرق الإغاثة قدمت دعما غذائيا وطبيا من محاليل ومضادات حيوية وأدوية حيث يقدر عدد المحاصرين بـ2000 بمناطق متفرقة بين منطقة النابع وشلاتين، تلخصت حاجتهم في مياه الشرب والمواد الغذائية.


وكان مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان ذكر أن خمسين ألف شخص تأثروا بالأمطار، موضحًا أن الأمطار الغزيرة التي هطلت في الأيام الأخيرة في السودان سببت فيضانات وانزلاقا أرضيا وسببت أضرارا في منازل وبنى تحتية في 14 من إجمالي 18 ولاية في البلاد.


إضافة إلى ذلك، انهار سد "بوط" في ولاية النيل الأزرق مما أدى إلى تدمير مئات المنازل، وفق ما أفادت السلطات المحلية في وقت سابق، وكانت الأمطار الغزيرة في 2019 قد أثرت على 400 ألف شخص، وفق المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
 
الخرطوم تنتفض لمواجهة تداعيات السيول وإنقاذ الأسر المتضررة


والي الخرطوم أيمن خالد نمر، عقد اجتماعا طارئا - بحضور قادة القوات النظامية ووكيل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية الاتحادية والدفاع المدني وأمين عام الحكومة ومدير عام وزارة البنى التحتية ومعاونوه ومدير عام وزارة التنمية الاجتماعية ومفوض العون الإنساني الاتحادي والولائي وممثلي منظمات المجتمع المدني - لإجراء تقييم شامل للمناطق المتأثرة بالسيول بشرق النيل .


وأكد الاجتماع أن الوضع يحتاج إلى تدخل عاجل، حيث تقرر تشكيل لجنة عليا برئاسة والي الخرطوم لمتابعة الموقف على مدار الساعة وتكوين غرفة عمليات تعمل بصفة دائمة برئاسة الأمين العام لحكومة ولاية الخرطوم، تضم ممثلين للقوات النظامية والدفاع المدني ووزارات البنى التحتية والتنمية الاجتماعية والصحة والإعلام ومنظمات المجتمع المدني.


وشرعت الغرفة - فور تكوينها - في القيام بحصر المناطق المتأثرة والانهيار الكامل والجزئي للمنازل والوقوف على عمليات إخلاء المواطنين المحاصرين وإيوائهم في مناطق آمنة، فيما جرى تكليف الدفاع المدني بمراقبة منسوب النيل وتفعيل نقاط الارتكاز في مناطق الهشاشة التي قد تتأثر بارتفاع منسوب النيل رغم أن الموقف على النيل تحت السيطرة حتى الآن ويتم تصريف مياه الأمطار بشكل طبيعي وستتعامل الغرفة على وجه السرعة مع أي مستجدات جديدة في مناطق أخرى بالولاية قد تتأثر بالأمطار والسيول.


كما ناشد الاجتماع المواطنين الابتعاد عن مجاري السيول والأمطار؛ تجنبا للمخاطر كما ناشد الاجتماع منظمات المجتمع المدني بتقديم العون السلعي وتوفير الإيواء للأسر المتأثرة.
 

التداعيات الاقتصادية لـ"كورونا" و"السيول" أخطر ما يواجه السودان

تقف الحكومة الانتقالية في السودان عاجزة أمام التحديات العديدة التي تواجهها، وتقف العقبات الاقتصادية على رأس قائمة التحديات، فالتضخم يزداد بشكل ملحوظ والاقتصاد ينهار بسرعة غير مسبوقة وأسعار المواد الاستهلاكية تزداد بشكل يومي.


رغم ما ورثته تلك الحكومة من النظام السابق من أزمات، إلا أن الواقع أضاف لها أزمات أخرى، مثلت عقبات جديدة أمامها مثل جائحة كورونا والسيول والفيضانات التي أضحت تحديات كبرى، فقد تفاقمت أسعار المتطلبات الحياتية اليومية بجانب ندرتها وصعوبة الحصول عليها كالخبز بجانب التدهور المستمر في سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار وبقية العملات الأجنبية.

 
المواطن وحده من يدفع ثمن عجز الحكومة أمام الأزمات المتتالية


يقول حسين محمد، 34 عاما، الأزمات تتكالب علينا والفساد المتوارث من الأنظمة السابقة تظهر آثاره في كل لحظة تمر من عمر السودان، التضخم وصل إلى حد غير محتمل ولم نر له مثيلا من قبل، والأزمات الاقتصادية زادت تعقيدًا وخطوات المسؤولين شديدة البطيء ولا يلمس المواطن أي تحسن في الشارع السوداني.


وأضاف محمد، الجنيه السوداني ينهار كل يوم ويفقد جزءا من قيمته، اليوم تفوق قيمة الدولار الأميركي  150 جنيها سودانيا، وبيانات الحكومة تؤكد أن الأزمة تتفاقم، خاصة أن التضخم وصل إلى 150% خلال الشهر الماضي ومن المتوقع زيادته بسبب تداعيات أزمات الأمطار والسيول والفيضانات وانهيار سد بوط بولاية النيل الأزرق في ظل بنية تحتية متداعية وغير قادرة على استيعاب التحديات.


نشعر باليأس وندرك أن السودان يحتاج لمعجزة ليخرج من عنق الزجاجة فالمواطن وحده من يدفع ثمن الفساد وعجز الحكومة أمام الأزمات، البيوت تنهار والشوارع تغرق بكل سهولة ومع مواجهة تحد حقيقي مثل السيول والفيضانات غرقت السودان بأكملها وتقف الحكومة تشاهد محاولات المواطنين للنجاة دون أن تقدر على مد يد المساعدة لهم.
 
ثروات السودان تسمح لنا بحياة كريمة.. وننتظر خطة الحكومة لنطمئن على مستقبل أبنائنا


في السياق ذاته، يقول مرزوق عبد الحميد، 41 عاما، الأزمات التي يمر بها السودان أمر متوقع ونتيجة طبيعية لسنوات من الفساد، السودان لن يخرج من عنق الزجاجة إلا إذا تبنى مشروعا وطنيا متكاملا يعتمد على الموارد الطبيعية التي وهبها الله للسودان بوفرة بدلًا من تبديها وسرقتها.


كانت الأمور شديدة الصعوبة علي وعلى أسرتي مع بداية أزمة تفشي وباء كورونا وما صحبه من إجراءات استثنائية وتداعيات اقتصادية ولكن السيول دمرت حياتي وحياة أسرتي تمامًا لم  نفقد حياتنا ولكن فقدنا منزلنا وأصبحت أعيش في منزل أخي دون أمل في الحصول على منزل ولا تعرف الدولة عن مصابنا شيئا ولا ننتظر منها مساعدة.


وأضاف عبد الحميد، خلال النصف الأول من عام 2020، فقدت عملي وفقدت منزلي وأصبحت من المشردين والدولة عاجزة عن مد يد المساعدة لي ولأسرتي، أزمتي ليست شخصية فهناك عشرات الآلاف يعانون نفس المعاناة التي تعانيها أسرتي، ولا بد أن نرى بأعيننا تحركا حكوميا يطمئننا على مستقبل أبنائنا.


وتابع، السودان يحتاج لاستثمار جيد لموارده التي تكفي وتفيض ليعيش جميع أبنائه حياة كريمة، بالإضافة إلى تقليل الإنفاق الحكومي وسد الطريق أمام عمليات التهريب والفساد وخاصة الذهب السوداني الذي يسرق ليلاً ونهارًا دون رادع منذ سنوات طويلة.