سوريون يستغيثون.. "ميليشيات أردوغان" تسطو على الصيدليات في الشمال السوري

سوريون يستغيثون..
صورة أرشيفية

يعيش المواطن السوري في الشمال أوقاتاً عصيبة، محاصرًا بين ثالوث الشر "القوات التركية، والميلشيات المدعومة من أردوغان، وفيروس كورونا"، منذ تفشي الفيروس أصبح المواطنون يعيشون تحت رحمة الميليشيات المسلحة التي تستغل انشغال المجتمع الدولي بخطط حصار الفيروس، لتقوم بأعمال السلب والنهب ضد مواطنين لا يملكون سوى أقل القليل للصمود أمام الأزمات المتلاحقة، وما زاد من خوف المواطنين تحول الميليشيات مؤخرًا لسرقة الدواء من الصيدليات لمقايضته مع الأهالي المحتاجين له مستغلين في ذلك الخوف من تفشي فيروس "كورونا" وحاجة المواطنين للدواء بشكل منتظم.
 
ميليشيات أردوغان تلجأ للسلب والنهب 


وبالتزامن مع العدوان التركي على شمال شرقي سوريا واحتلاله للقرى السورية الحدودية مع حلفائه من الميليشيات السورية، نشر ناشطون العديد من الصور لعناصر هذه الميليشيات التي تقوم بنهب وسلب ممتلكات ومنازل المدنيين في عدة مدن وقرى سورية.


وكشفت مصادر محلية، أنه بعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من مدينة "رأس العين" وسيطرة الفصائل الموالية لتركيا عليها، انتشرت عمليات النهب والسلب وطالت المال والأجهزة والأدوات المنزلية المختلفة، وكذلك سرقة الجرارات والسيارات التي تركها الأهالي خلفهم.


في السياق نفسه أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن سرقة المقتنيات أمر أصبح يحدث يوميًا، واعتاد عليه المواطنون، حيث يتم بيعها في سوق في تل حلف، حيث خصصت القرية لسوق البضائع المسروقة الذي أنشأته تلك الفصائل في تل حلف.


فيما أكدت المصادر أن أول الميليشيات التي بدأت استخدام أعمال السلب والنهب كانت في "عفرين" بأوامر من الضباط الأتراك الذين نصحوا الميليشيات بضرورة التصرف حتى تستقر الأمور ويعود التمويل والرواتب من جديد، موضحين انتشار ما يشبه الأسواق لبيع المواد المسروقة من القرى والمناطق الحدودية التي استولت عليها هذه الميليشيات المدعومة من تركيا.


وأكد مراقبون أن تأخر الرواتب التي يرسلها نظام أردوغان بسبب أزمات السيولة والاقتصاد المنهار في تركيا تسبب في حالة من الغضب في صفوف الميليشيات المسلحة التي اعتادت على مستوى إنفاق مرتفع، ومع شح الأموال بعد الأزمات الاقتصادية التي ضربت تركيا وقطر، بدأت الميليشيات الاعتماد على السرقة والنهب للمواطنين والاستيلاء على كل ما يمكن بيعه.
 
الميلشيات تبيع المنازل وتفرض الضرائب

ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري، فقد أقدمت الفصائل الموالية لأنقرة على اعتقال واختطاف نحو 43 مدنياً من مناطق متفرقة في مدينة عفرين وجنديرس وشران ومعبطلي ومناطق أخرى بالمنطقة، جرى الإفراج عن قسم منهم لاحقاً، فيما لا يزال الأغلبية قيد الاعتقال في سجون الفصائل بتهم وذرائع مختلفة أبرزها التخابر مع الوحدات الكردية.


وكانت الحكومة التركية، قد منحت بدايات شهر مارس الماضي، الضوء الأخضر للفصائل لبيع أملاك الأكراد بأسعار رمزية، حيث أكدت مصادر المرصد السوري، أن الفصائل الموالية لتركيا أو ما يعرف بـالجيش الوطني السوري، تعمل على بيع منازل المهجرين الأكراد ممن أجبرتهم العملية العسكرية التركية على الخروج من مناطقهم.


ونقل المرصد عن المصادر قولها: إن عملية البيع تتم مقابل أسعار تراوح ما بين 3 إلى 5 آلاف دولار أميركي للمنازل المكونة من طابقين، وأضافت المصادر أن الميليشيات الموالية لتركيا تعيث فساداً في المنطقة، وبدأت مؤخراً بيع المنازل والمحلات التجارية أو تأجيرها، واعتبارها ملكاً خاصاً لها.


وتابعت أن ذلك يتم في إطار السياسة الممنهجة التي تتبعها الفصائل وتركيا لتهجير من تبقى من أهالي عفرين، حيث يخشى الأكراد في المنطقة الخروج من منازلهم، وخصوصاً في المساء، خوفاً من التعرض للاختطاف أو الاعتقال بذرائع مختلفة.


في نفس الوقت، بدأت الميليشيات المسلحة ترقيم المحال التجارية في ريف عفرين، بهدف تحصيل مبالغ متفاوتة كنوع من الإتاوات التي تفرضها مقابل الحماية كما عمدت الميليشيات إلى تجريف للتربة، والحفر بالآليات الثقيلة في مواقع أثرية بحثاً عن الآثار لتهريبها والحصول على أموال.
 
فيروس "كورونا" الأقل ضررًا 


من جانبه، يقول إياد الحاج، 33 عاما، سوري: خطورة تفشي الميليشيات المسلحة فاقت خطورة تفشي فيروس "كورونا"، لا أحد يمد لنا يد المساعدة ولا نستطيع الصمود أمام توالي الأزمات، البنية التحتية منهارة، ومعظمنا يدرك جيدًا أنه إذا أصيب بفيروس كورونا فلن ينجو بسهولة.


وتابع الحاج، ورغم ذلك نرى جميعًا أن "فيروس كورونا" هو الأقل ضررًا علينا في الوقت الحالي إذا ما تمت مقارنته بخطورة الميليشيات المتطرفة، مضيفًا، الأنباء تواردت لنا بتوقف صرف الرواتب القادمة من تركيا بسبب الأزمات الاقتصادية هناك، ومن وقتها أصبحنا نعيش تحت رحمة ميليشيات أردوغان التي ترى في ممتلكاتنا حقا مكتسبا لها، نعيش في غابة ولهم الغلبة بسبب حملهم للسلاح.


وأضاف الحاج، المساعدات الأممية لا تصل، والجميع يحتمي داخل منزله خوفًا من الميليشيات وفيروس كورونا، ورغم أن الاحتماء في المنزل كافٍ ليقينا شر الفيروس، إلا أنه لا يكفي لحمايتنا من ميليشيات أردوغان التي أصبحت مؤخرًا تقتحم المنازل وتسرق كل ما يصلح للبيع من أجهزة كهربائية ومنزلية.
 
أسواق المقتنيات المسروقة


في السياق ذاته، يقول محمد إبراهيم، 45 عاماً، عمليات السلب والنهب وتضييق الخناق علينا أمور فاقت الحد، الميلشيات المسلحة أصبحت تقتحم بيوتنا وتسرق ممتلكاتنا، وتطور الأمر لاقتحامهم الصيدليات وسرقة الدواء حتى يجبرونا على مقايضة كل ذي قيمة معهم مقابل شريط دواء، مضيفًا، أنا مريض ضغط ولا أجد دواء في الصيدليات وأجده مع العصابات المنتشرة في شوارعنا.


وأضاف، لا نعيش في دولة أو تحت مظلة قانون، فأسواق المقتنيات المسروقة أصبحت أمرًا واقعًا وأصبحنا نذهب للبحث عن مقتنياتنا الهامة هناك لنحاول شرائها مرة أخرى، منذ أسبوع قامت عناصر تابعة لميليشيات تركيا، بسرقة 4 سيارات من أمام المنازل، من بينهم سيارتي، نصحني أحد جيراني بالتوجه إلى سوق تم تأسيسه حديثًا لبيع الأجهزة والمقتنيات المسروقة، فاضطررت للذهاب للبحث عن سيارتي واشتريتها من جديد، وكأني لست صاحب حق.


وتابع إبراهيم، منذ تفشي "كورونا"، بدأ ظهور أزمات في وجود الأدوية، ومع تأخر الدعم التركي للميليشيات المسلحة، بدأت تلك العناصر تنظيم حملات منظمة لسرقة الصيدليات والمراكز الصحية، الأمر الذي يتركنا لمواجهة كورونا دون دواء مسكن أو حتى خافض للحرارة.