الفرار من مخيم "الهول".. قصص نساء اخترن الزواج مقابل الحرية

اختارت نساء الزواج مقابل الحرية والهروب من مخيم الهول

الفرار من مخيم
صورة أرشيفية

نساء أوقعهن الحظ العاثر في مخيم الهول بشمالي سوريا لسنوات يعشن بالجحيم حتى أصبحن يبحثن عن أي وسيلة للخلاص .

فهناك العديد من النساء الأجانب اللاتي على صلة بتنظيم داعش، والمحتجزات في مخيم ”الهول“، لجأن إلى الزواج من رجال تعرفوا عليهن عَبْر الإنترنت للهروب من مخيمات التنظيم، وتم تهريب المئات منهن عَبْر الرشاوى التي قدمها أزواجهن.

مخاطرة أمنية

ورصدت "الجارديان" في تحقيق استقصائي مخاطر لجوء نساء التنظيم إلى الهروب من مخيمات داعش، على سوريا، والحكومات التي ترفض استقبال مواطنيها "الدواعش" مجددًا، إلا أن هؤلاء النساء بحثن عن طريق الخلاص من جحيم المخيم  وهو الزواج عبر الإنترنت والهروب.

تقول امرأة روسية تعيش في معسكر الهول: "أتلقى كل يوم رسالة من رجل يسألني حول إذا ما كنت أبحث عن زوج، الجميع حولي تزوجن، ورغم أن منهن من يؤيدن داعش، إلا أنهن سينكرن ذلك وسيتظاهرن بالاعتدال".

ويشير التقرير إلى أن هؤلاء السجينات يستغثن بمؤيدي "داعش" حول العالم، حتى أن الزواج من إحداهن ولو عبر الإنترنت رغم المسافات الفاصلة، صار مدعاة للفخر على شبكات التواصل الاجتماعي بين هؤلاء الرجال الذين يؤيدون التنظيم خفية، ويعتبرون هذا الزواج طريقة للرقي الاجتماعي ومساعدة لمن هم في كرب، حسب معتقداتهم، ما يهدد بانتشار عناصر التنظيم في كل بقعة من العالم.

وينحدر أغلب الساعين إلى تقديم عروض الزواج من نساء داعش في المخيم، من دول إسلامية، لكنهم يعيشون في دول غرب أوروبا ويعيشون في ظروف جيدة نسبيًا.

60  ألف امرأة وطفل في مخيمات داعش

وبحسب التقارير الدولية، فإن هناك 60 ألف امرأة وطفل تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية الكردية، المدعومة من قِبل الولايات المتحدة، في مخيم ”الهول“، الواقع جنوب شرق مدينة الحسكة، في شمال شرقي سوريا، وظل هؤلاء في معقل التنظيم الأخير بسوريا عندما سقطت ”خلافة“ داعش، في مارس 2019، حسب الإعلان الرسمي لواشنطن و"قسد"، آنذاك.

أما نساء المعسكر، فيعد ذلك الزواج طريقة لتأمين دخل يجعلهن يحتملن المعيشة في مخيم ”الهول“، إذ يستخدمنها لتأمين احتياجاتهن اليومية مثل الطعام والدواء وحفاضات الأطفال وأرصدة الهاتف المحمول وما يدفعنه للخادمات.

يبحثون عن الزواج من نساء داعش

وكان اللافت هو ما رصدته صحيفة "الجارديان"، عندما كتب أحد أعضاء مجموعة على ”فيسبوك“ مؤيدة لداعش باللغة العربية: ”هل لي أن أجد زوجة من المعسكر (الهول) ملتزمة دينيًا.. أستطيع أن أخرجها مهما كلف الأمر“.

وبحسب التقرير، لا توجد إحصاءات رسمية عن عدد النساء اللاتي تمكنَّ من مغادرة المخيم بهذه الطريقة، لكن عندما وصلت العائلات التابعة لداعش لأول مرة إلى المخيم، منذ سنتين، كان هناك تكدس، وكان عليهم الكفاح من أجل الحصول على الخيام وضرورات المعيشة، لكن الآن انتقل بعض الأجانب إلى معسكرات أخرى وهرب البعض الآخر، تاركين وراءهم خيامًا شاغرة في المخيم.

طرق إتمام الزواج 

ويكشف تقرير "الجارديان"، عن طرق تنسيق الزواج عبر الهاتف، موضحًا أنه ليس من الضروري عادة أن تكون العروس طرفًا في المكالمة، فقط ينطق الشيخ (المأذون) بعض (الجمل) والآيات ثم يعلن الرجل وليًا جديدًا للعروس، ومن ثم تتلقى منه مالاً أو هاتفًا محمولاً جديدًا كمهر.

تعدُّد أزواج لأجل الهروب

ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من أن بعض الأزواج الحقيقيين للنساء المحتجزات مازالوا على قيد الحياة في سجون قوات سوريا الديمقراطية، لكن الزوجات يدعين أنهن أحرار في مسألة الزواج؛ لأنهن لا يستطعن التأكد من أن أزواجهن ما زالوا على الإسلام، وإذا لم يف الزوج الجديد بتعهداته، فإن بعض النساء على استعداد للزواج أكثر من مرة!

وتوضيحًا لهذه المسألة، نقلت الصحيفة اعترافات لإحدى النساء في المخيم، والتي قالت: "زوجي السابق وعد بدعمي، لكنه قال لاحقًا إن لديه مشاكل في عمله أو ربما كان خائفًا من إرسال المال كي لا يتم القبض عليه، لذلك أنهيت علاقتي به، وتعرفت على رجل آخر عَبْر الإنترنت، وأنظر الآن في مسألة الزواج منه، لكنه صغير السن، لذا لست متأكدة من قدرته على دعمي وأطفالي".

التلاقي الصعب.. 15 ألف دولار

وأشار التقرير إلى كلفة هذه الزيجة وإمكانية التلاقي بين الزوجين، إذ تؤكد الصحيفة أن كلفة الخروج من مخيم ”الهول“ قد تصل إلى 15 ألف دولار، بحسب الجنسية وعدد الأطفال والطريقة المفترض أن يتم تهريبهم بها من مكان الاحتجاز.


كما أوضحت الجارديان أنه يتم تنظيم عملية التهريب عادة عبر وسطاء من إدلب، المنطقة الأخيرة التي تقع خارج سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد، وتعد السيارات الخاصة الطريقة الأعلى كلفة للتهريب من المخيم؛ نظرا للرشاوى التي تدفع لنقاط التفتيش التابعة لقوات سوريا الديمقراطية والإسلاميين المسيطرين على إدلب حتى الوصول إلى مكان آمِن في المحافظة نفسها.

ومع ذلك، فهناك طرق تهريب أقل كلفة، مثل الاختباء في صهاريج المياه أو الحافلات أو المركبات الأخرى التي تدخل المخيم، وذلك بعلم من يقودها، والطريقة الأرخص هي المشي على الأقدام بعد الدفع للحراس أو الركض ليلاً إلى خارج المعسكر.

كارثة.. الأطفال بالمخيم 

 لم يكن حظ الطفل عبدالله، البالغ من العمر 13 عامًا،  يختلف كثيرا عن هؤلاء النساء حيث يعيش حياة قاسية بين عشرات الآلاف ممن يعيشون في مخيمات داعش، الأمر الذي جعل الطفل يتعلّم حمل السلاح على يد مقاتلي داعش عندما كان في الـ8 من عمره، حين كان محتجزاً في سجن "أشبال الخلافة".

حلم العودة 

الطفل عبد الله الذي يرغب اليوم في العودة إلى وطنه بريطانيا، روى لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية كيف أصبح يشتاق إلى أمه التي قُتلت قبل سنوات في الباغوز، كما يفتقد الاحتفال بأعياد ميلاده، مبديًا إعجابه بنادي "تشيلسي"، ومطعم "ماكدونالدز" الشهير، فضلاً عن الرسوم المتحركة اليابانية. 

وبحسب الصحيفة، نشأ الطفل عبد الله في لندن مع عائلته، وهم في الأصل من باكستان، إلا أن والده قلب حياته رأسًا على عقب عندما كان في الثامنة من عمره، واصطحبه والده ووالدته للعيش في ظل تنظيم "داعش" في سوريا مع أخته الصغرى وشقيقيه.

وحيدًا بين عشرات الأطفال

وتضيف الصحيفة أن عائلة عبدالله قتلت كلها في الباغوز، الذي كان المعقل الأخير لتنظيم "داعش"، والذي دمرته ضربات جوية أميركية في مارس من عام 2019، وأصبح الطفل محتجَزًا في مركز "هوري" الذي يديره الأكراد اليوم، وهو مركز لإعادة تأهيل الأولاد المتهمين بارتكاب فظائع نيابة عن "داعش".


وليس عبدالله الوحيد في ذلك، فهناك عشرات الأطفال من أبناء التنظيم الإرهابي، تتكون حياتهم من سجن لمدة 9 ساعات يوميًا.

كما يوضح عبد الله أنه يتحدث الإنجليزية بلهجة خفيفة، فيما تعلم كيفية استخدام بندقية هجومية من طراز AK-47، مضيفًا أنه كان أخبر أمه أنه لا يرغب بتعلم حمل السلاح حين أُجبر على ذلك في المدرسة قبل سنوات، مشيرًا إلى أنه لا يعلم حتى تاريخ عيد ميلاده.