الفقر والإهمال خلفهم و"كورونا" أمامهم.. ما مصير أطفال إيران؟

الفقر والإهمال خلفهم و
صورة أرشيفية

لم يغير تفشي وباء كورونا من معاناة الشعب الإيراني في شيء، بل زاد طين حياتهم بلة، فالقمع زاد، والإهمال تضاعف، والنظام لا يهتم سوى بتأمين نفسه واستمراره، منذ سنوات طويلة ويعاني أطفال إيران من صعوبة التعليم وإجبارهم على العمل في سن صغيرة في مهن تعرض حياتهم وحياة أسرهم لمخاطر متعددة، أرقام صادمة عن عمالة الأطفال في إيران أكدت أن عدد الأطفال العاملين تجاوز الـ10 ملايين طفل، بالإضافة إلى ملايين آخرين محرومين من التعليم، حيث حذر خبراء من خطورة تفشي فيروس كورونا الجديد داخل أقاليم إيران (31 إقليماً) بإصابة العديد من الأطفال العاملين بجمع القمامة، وبيع الورود، والمناديل، ومسح زجاج السيارات في تقاطعات شوارع البلاد.

"كورونا" يحاصر ملايين من الأطفال الإيرانيين 

فيروس كورونا، حسب تقارير محلية إيرانية يمثل خطورة بالغة على أطفال الشوارع حيث يفتقدون لأدنى معايير الرعاية الصحية، والوعي المطلوب للابتعاد عن الإصابة، مؤكدين أن وزارة الصحة الإيرانية أكدت وفاة أكثر من مراهق بفيروس كورونا خلال الأيام الماضية.

وأشارت شبكة "دويتشه فيله" الألمانية في تقرير لها عبر نسختها الفارسية، أنه لا يوجد بحث طبي أثبت بشكل نهائي أن الأطفال محصنون ضد الفيروس المميت، موضحةً أن 9 ملايين طفل تتراوح أعمارهم بين الـ10 أعوام والـ17 عامًا، يعملون بمهن مختلفة على رأسها مهنة جمع القمامة داخل إيران حسبما تشير بيانات وزارة العمل في حكومة طهران، رغم تأكيدات المعارضة أن الأرقام الحقيقية تفوق الأرقام الرسمية.

فعمالة الأطفال في إيران ترتبط ارتباطًا وثيقًا بانتشار الفقر في معظم الأقاليم الإيرانية؛ ما يدفع معظم الأسر للدفع بأبنائها إلى سوق العمل في وقت مبكر، خاصة مع حالة البطالة التي يعاني منها المتعلمون والحاصلون على الشهادات العليا؛ ما يصيب الأسر الفقيرة باليأس من استمرار تعليم أبنائهم، واعتبر التقرير أن أرقام الأطفال العاملين أعلى بكثير مما تشير إليه المعطيات الرسمية بهذا الصدد، لأن العديد من الأطفال الأفغان المهاجرين المقيمين داخل إيران يعملون دون أوراق ثبوتية، فضلًا عن عمالة أبناء أمهات إيرانيات لم يحصلوا على الجنسية الإيرانية لكونهم منحدرين من آباء أجانب.

ضعف المناعة وسوء التغذية يهددان حياتهم

حكومة الملالي تتجاهل ظاهرة عمالة الأطفال التي تتنامى يومًا بعد يوم في إيران، وحتى الآن رغم التحذيرات من تفشي وباء كورونا بين ملايين الأطفال الذين لا يزالوا يعملون في الشوارع حتى الآن دون أي وسائل وقاية سواء كانت كمامات أو مطهرات إلا أن الحكومة الإيرانية لا تتخذ أيّ إجراءات لتوفير حماية عاجلة لملايين الأطفال الفقراء.

خاصة مع تنقل أكثر من ثلثي هؤلاء الأطفال (أكثر من 6 ملايين طفل) بين المدن المختلفة؛ الأمر الذي يشكل خطرًا داهمًا عليهم وعلى أسرهم خاصة مع معاناة معظمهم من أمراض بسبب سوء التغذية والحياة وسط القاذورات وقلة الرعاية الصحية بسبب تدني ظروفهم الحياتية؛ ما يتسبب في ضعف شديد في مناعة هؤلاء الأطفال حيال العدوى بفيروس كورونا.

الحكومة تتجاهل أزمة الأطفال

تقارير حقوقية أكدت أن الحكومة الإيرانية لا تتعامل مع الأمر على اعتبار أنه أزمة يجب حلها، بل مجرد أمر واقع وجزء من الاقتصاد ومصادر الدخل، وحتى على صعيد تفشي وباء كورونا، فلم يتخذ النظام الإيراني أيّ خطوات من شأنها حماية هؤلاء الأطفال، فلا يوجد عمل شامل ومنظم لحماية أطفال الشوارع من وباء فيروس كورونا سوى محاولات فردية من جانب بعض منظمات المجتمع المدني المحلية، خاصة مع وجود نفايات طبية داخل صناديق القمامة تهدد أرواح آلاف الأطفال العاملين في كل أحياء إيران وفي مختلف الأقاليم بما فيهم العاصمة طهران، تزامناً مع سرعة انتشار فيروس كورونا الجديد.

وانتقد إيرانيون مراراً تجاهل حكومة بلادهم ظاهرة أطفال القمامة الآخذة في الزيادة داخل بعض المدن؛ إذ يضطر نحو 4 آلاف طفل تتراوح أعمارهم بين 10 و15 عاماً في طهران وحدها للبحث عن طعام في حاويات القمامة يوميًّا.

المبادرات الفردية ليست كافية 

من جانبه يقول علي إحسان، 54 عامًا، مدرس ويعيش في طهران، هناك 9 أطفال في فصل واحد أعرف أنهم يعملون لمساعدة أسرهم في فرز القمامة وجمعها من الشوارع، يأتون إلى المدرسة يومًا ويتغيبون شهرًا، كل ما يريدونه هو تعلم القراءة والكتابة فقط ثم يتركون التعليم بشكل كامل.

وأضاف: يقطن اثنان منهم في نفس الشارع الذي أعيش فيه، ولم تختلف طريقة حياتهم مع تفشي وباء كورونا، فالانعزال في المنزل والاهتمام بالتطهير والنظافة الشخصية رفاهية لا يملكوها هم ولا أسرهم، حاولنا مساعدة أسرهم بجمع تبرعات من الجيران لإعطائهم ما يكفي طعامهم وشرابهم حتى تمر تلك الأيام شديدة الصعوبة، ولكن أعدادهم بالملايين ويحتاجون لتدخل من الدولة وليس اجتهادات أشخاص فردية.

وتابع: هؤلاء ليس لهم حق في دخول مستشفى ولا تعترف بهم الدولة، هم بالنسبة للنظام مثل قطط الشوارع، والأمر تجاوز الإهمال في حق الأطفال فقط، فأصبح إهمال الحكومة يهدد كل فئات المجتمع، موضحًا، حارس العقار الذين أسكن فيه يعمل 3 من أبنائه في جمع القمامة، ويعودون ليجلسوا مع أسرهم في نفس المنزل الذي نعيش فيه، ويستخدمون المصعد ويحضرون المشتريات للسكان؛ ما يحدث يهدد حياة الشعب الإيراني بالكامل.

الحكومة تتجاهل الأزمة

في السياق ذاته، يقول مجيد إبراهيمي، 44 عامًا، طبيب إيراني، الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، أعداد المصابين هائلة، ونحن واثقون من أن هناك مئات الآلاف من المصابين الذين لا نعرف عنهم شيء، مضيفًا، يوميًّا أثناء ذهابي إلى المستشفى أقابل عشرات الأطفال في الشوارع، يحاولون التسول بعد توقف حركة البيع والشراء والعمل، أحاول قدر استطاعتي مساعدتهم ولكن هذا لا يكفي.

أسر هؤلاء الأطفال غير قادرة على إطعامهم، وإذا استمر الوضع الحالي لمدة 3 شهور سيموت أعداد كبيرة من هؤلاء الأطفال، مضيفًا أن الأمر أصبح مزدوج الخطورة، ولا ينتهك المعايير الإنسانية وحقوق الأطفال فقط، بل يهدد حياة ملايين البشر، فلا نريد حلًّا جذريًّا من الحكومة، كل ما نريده حلول مؤقتة، وبعد مرور الأزمة نعمل لنضع حلولًا شاملة للقضاء على تلك الظاهرة التي تفاقمت بشكل هائل خلال الأعوام الماضية.